على رغم أن السنة المقبلة لا تحمل أرقامًا مميزة كما سابقتها إلاّ أن ما ستتسلمه من السنة المنصرمة من ملفات ساخنة ستجعل من هذه أيام هذه السنة مجردّ أرقام لا تقدّم ولا تؤخّر في الواقع شيئًا يُذكر، خصوصًا أن الأجواء العامة لا توحي بأن ولادة الحكومة العتيدة ستبصر النور قريبًا، وأن ثمة بعض من العقبات وبعض من التفاصيل لا تخلو من “الشياطين”، وهذا ما يمكن وضعه في خانة السلبيات المضافة وسط هذا الكمّ الهائل من التعقيدات والمشاكل المنتقلة من سنة 2020 إلى اسنة 2021، مع إعتقاد سائد أنه لن تكون أفضل من السنة الفائتة، وذلك إستنادًا إلى حجم هذه المشاكل المجيّرة من مخلفات السنة الماضية غير المأسوف على رحيلها، بما حملته من مآسٍ وويلات طاولت كل منزل من منازل اللبنانيين وأصابت معيشتهم في الصميم وزعزعت الثقة بين المواطن، الذي إختار أن يفترش الساحات على أن يبقى قابعًا في زوايا اللامبالاة، مكتوف اليدين ومقطّب الحاجبين، وبين دولته بما فيها من رموز يعتبرها فاسدة عندما رفع شعار “كلن يعني كلن”، تمهيدًا لمحاسبة جماعية قد لا تكون أدواتها متوافرة حاليًا، خصوصًا بعدما دخلت على خطّ الإنتفاضة عوامل كثيرة حدّت من مفاعيل وتأثيرات الحراكات الإحتجاجية، ومن بين هذه العوامل إنتشار جائحة كورونا بما لا يمكن وصفه مع ما تخلّفه من كوار صحية وغقتصادية على حدّ سواء.
ما تحمله سنة 2021 من مخلفات سنة لم نعرف فيها سوى المرارة لا يجعلنا متفائلين بإمكانية إحداث تغيير سريع، ولو بالحدّ الأدنى، إذ لا شيء يوحي بأن ثمة عوامل مساعدة قد تحملنا على الإعتقاد بأن الحل سيكون على يدي الحكومة الآتية من رحم العذابات، على رغم ما يُحكى بأنها ستضم وجوهًا جديدة من ذوي الإختصاص، وكأن المشكلة الأساسية محصورة بقدرة أهل الإختصاص على إجتراح الأعاجيب، التي ولّى زمانها، وذلك إستنادًا إلى التجارب السابقة وإلى الملفات المالية والإقتصادية الكثيرة السخونة، والتي ستوضع بين أيدي وزراء قد لا تكون لديهم الخبرة الكافية، على رغم الإرادات الطيبة، لإنتشال لبنان من قعر الهاوية التي أنزلق إليها منذ بدايات السنة الماضية المشؤومة، مع ما يرافق ذلك من تعقيدات إقليمية ودولية لا يمكن الإستهانة بمفاعيلها وسلبياتها على الساحة اللبنانية الداخلية، مع ما فيها من تجاذبات بين محورين لا يجوز التقليل من أهمية تأثيراتها على الداخل اللبناني، على رغم الإعتقاد أن جو بايدن لن يكون مثل سلفه دونالد ترامب، مع حديث متنامٍ عن خطوات دراماتيكية قد يقوم بها الأخير لإحراج خلفه.
ليس صحيحًا أن ما سيعطى لأي رئيس حكومة لم يعطَ لغيره، خصوصًا أن التغيير لن يكون بتغيير الأسماء وإستبدال القديم بوجوه جديدة، لأن ما يعيشه لبنان من أزمات يتخطّى القدرة الذاتية، ويبقى الواقع المأزوم أشدّ وطأة وصعوبة مما يحاول البعض تصويره. فالمهمة أكثر من صعبة وأكبر من قدرة القادرين وإماكاناتهم المحدودة، التي تتجاوز المدى المنظور، مع ما ستواجهه الحكومة العتيدة من تحديات جسيمة وصعوبات لا تُعدّ ولا تُحصى، الأمر الذي سيجعل من مهمتها شبه مستحيلة.
قد نحتاج في مطلع السنة الجديدة إلى نفحة من أمل وتفاؤل، ولكن ليس كل يتمناه المرء يدركه لأن الرياح الإقليمية تمشي بما لا تشتهيه السفينة اللبنانية، التي تتطالتمها الأمواج من كل حدب وصوب، وهي مهدّدة بالغرق، أو تكاد تغرق. وقد تتحقق نبوءة رئيس الجمهورية من أننا ذاهبون إلى الجحيم.
وعلى رغم ما في الواقع من مرارة لن ننهي هذه السنة بتعميم التشاؤم، على أمل أن تكذّب توقعاتنا متغييرات ليست في الحسبان، أقله في النصف الثاني من العام الجديد، اي بعد أن تكون الإدارة الأميركية الجديدة قد حدّدت أولوياتها بالنسبة إلى المنطقة.
المصدر: لبنان 24