على أرض الواقع، لا شيء يفصل بين عام منصرم وعام جديد، فالحرب بين المتنازعين على السلطة ومكاسبها ما تزال مستمرة، مع فارق لافت هذه السنة وهو أن كل اللبنانيين، مقيمين ومغتربين، ومن دون تمايز أو تفضيل أو فرز، وفق مقدمة الدستور، باتوا ضحايا نزاع أبطاله زعماء متسلّحون بما تقاسموه من سيطرة على المؤسسات والإدارات والأجهزة الرسمية بفعلٍ وفضلٍ من الثقة العمياء الممنوحة لهم من معظم الناخبين.
العام 2020، كان عاماً مليئاً بأعمال الغدر تجاه المجتمع اللبناني وحافلاً بأعمال المكر تجاه المجتمع الدولي، والتي ارتكبتها المنظومة الحاكمة والمتحكمة المسؤولة عن كل الأزمات والكوارث والمآسي، والتي منها: “التهرَّب من المسؤولية عند الحاجة العامة والعودة إليها بخلفيات خاصة غامضة، والاستئثار بالسلطة لطموحات شخصية، وانتهاج سياسيات عشوائية، واتخاذ قرارات غير مدروسة، وإقرار تشريعات وقوانين ملغومة بموانع التطبيق، وفلش حمايات وحصانات أعاقت عمل السلطة القضائية، إضافة إلى المناورة والمراوغة لتجنّب الالتزام بالشروط والإصلاحات المطلوبة دولياً.
العام 2021، ليس هناك ما يؤشر إلى عزم المنظومة السياسية على التوقف عن ممارسة الفساد والهدر والنهب، ولا التخلص من الإدمان على خيانة الشعب، ولا حتى استعادة ثقة المجتمعين العربي والدولي، فالمنظومة محتمية بثقة الداخل العمياء، كونها تحصيل حاصل بمجرَّد شدّ العصب الطائفي برعاية قانون الانتخاب النيابي “الاحتيالي” النافذ.
من أجل الخلاص، لا قيمة لسنة رحلت ولا لسنة حلَّت، بل لـ “سلاح الثقة”، الذي لم يستعمله معظم الشعب “الملدوغ مراراً والمخدوع تكراراً” بشكل صحيح وفاعل، لا في صندوق الاقتراع ولا في الشارع السلمي، لمواجهة منظومة الغدر والمكر ولفرض التغيير والإصلاح على كل المستويات وفي مختلف المجالات.
هذه المرّة، وإذا ما كانت النيّة بالخلاص صادقة والإرادة الشعبية جامعة، فإن زعماء البلد “أبطال النزاع” أمام امتحان جِدِّي، خصوصاً أن صعوبة استعادة “الثقة بعد الغدر” أقرب ما تكون إلى استحالة استعادة “الحياة بعد الموت”.