أقفل المشهد السياسي – الحكومي مع نهاية العام، على اقفال تام في أفق التشكيل وانسداد اضافي في احتمالات تحقيق خرق في جدار الازمة المجرجرة منذ آب الماضي. فالجبهات السياسية كلّها عادت واشتعلت، وآخرها بين تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، مع تبادل التهم والمسؤوليات بين الجانبين اثر تحميل سيّد المختارة وليد جنبلاط الرئيس المكلف سعد الحريري، جزءا من المسؤولية في تأخير التأليف. فتعليقا على هذا الموقف، قال نائب رئيس “تيار المستقبل” مصطفى علوش “لا أدري أين تذهب مروحة جنبلاط، إذ يتحدّث حيناً يميناً، ثمّ يعود ليتحدّث شمالاً. فليقل لنا ما قصده بذلك، وليخفّف غلبته شوي”. فأتاه الرد على لسان عضو كتلة اللقاء الديموقراطي النائب بلال عبد الله الذي قال “لن نساجلك في هذه الظروف، لأن فشلك واضح في تقمّص دور منظّر التيار”.
والى التوتر الذي لم يعد حكرا على علاقة المستقبل – التيار الوطني الحر، عاملٌ جديد دخل الساحة الحكومية، يتهدّد بنسف ركائز أو ما بقي من ركائز التفاهم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والحريري حول شكل الحكومة المنتظرة، لناحية حجمها. فبعد ان كان من المسلّم به انها ستكون من 18 وزيرا، زار رئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال أرسلان، قصر بعبدا اليوم. وقال بعد لقائه الرئيس عون “تحدثنا مع فخامة الرئيس عن موضوع الحكومة، وأظهر الرئيس كل جدية وتجاوب معنا، وبين الـ18 والـ20 وزيرا لن يخرب البلد”.
هذا الموقف، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، يؤشر الى مرحلة جديدة سيدخلها الملف الحكومي مطلع العام، عنوانها اعادة فريق 8 آذار، بدفع من حزب الله (وإن غير ظاهر)، رفعَ سقوفه وشروطه في وجه الحريري، لجرّه الى تشكيل حكومة تناسبه (اي تناسب فريق 8 آذار) وتتلاقى ومصالحه الى أبعد الحدود. فالمطلوب ان يكون فيها حضور “سياسي” واضح، وأن يمسك الممانعون بأكثريتها، في ترجمة واضحة لنتائج الانتخابات النيابية الاخيرة.. على اي حال، أليس هذا ما يطالب به حزب الله منذ لحظة استقالة حسان دياب، حيث يرفع لواء “عدم تجاوز نتائج الانتخابات النيابية”؟
واذ تتوقع ان تحذو اطراف اخرى تدور في فلك حزب الله، حذوَ ارسلان في قابل الايام، فتطالب بتمثيلها بشكل عادل في الحكومة، وقد قال رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في اطلالته التلفزيونية الاخيرة منذ ايام “إما أختار وزرائي أو لن اشارك في الحكومة”، تشير المصادر الى ان المتكوب يُقرأ من عنوانه، وتعتبر انّ نية سيطرة “الحزب” على الحكومة كانت واضحة منذ لحظة تمسّكه بوزارة المال فيها… وعليه، يصبح السؤال الذي يفرض نفسه، الآتي “ما الذي سيفعله الرئيس المكلّف أمام هذا التوجه التصعيدي غير المبشّر بالخير؟ علما ان الحريري ربما ساعد – من حيث لا يدري – الفريقَ الممانع على تكبيله بالشروط، وعلى نسف جوهر المبادرة الفرنسية، بعد ان ارتضى “تجرّع السم” والتنازلَ امام الثنائي الشيعي، واعطاءه المالية؟ وفق المصادر، لن يكون انفراج قريب اذا بقيت اللعبة محصورة بالاطراف المحليين، والتخبّط سيستمر الى ان يقرّر حزب الله – وفق التوقيت الايراني طبعا- ان ساعة الافراج عن الحكومة دقت. لكن المصادر لا تستبعد ان يكون الحريري يعوّل على ضغوط خارجية اوروبية – اميركية هائلة منتظرة قريبا، على شكل عقوبات وسواها، ستدفع الكل الى التراجع، وستساعده في فرض حكومة “الانقاذ” المطلوبة دوليا، المؤلفة من اختصاصيين غير حزبيين، على الجميع في الداخل… عسى ان يكون رهانه في مكانه، أو لا انقاذ واستمرت رحلة اللبنانيين الى جهنم..
المصدر: المركزية