نامت الحكومة الموعودة في أدراج المساعي المتوقفة بعد إنقطاع الإتصالات بين بعبدا و”بيت الوسط”، وبعد سفر الرئيس المكّلف سعد الحريري إلى دولة الإمارات العربية ومن بعدها إلى المملكة العربية السعودية لتمضية فترة الإعياد مع عائلته، وبعد مقاطعة الرئيس ميشال عون لقداس الميلاد في بكركي وتصعيد في لهجة البطريرك الراعي، الذي أحبطت مساعيه.
وفي هذا الإطار سئل مسؤول كنسي عن أسباب فشل مساعي بكركي التوفيقية وعدم التجاوب مع مساعي سيدها، فأجاب بكثير من الحذر أن اسباب عدم تشكيل حكومة بالسرعة المطلوبة خارجي أكثر منه داخلي، خصوصًا أن الموقف الأميركي معروف لجهة عدم موافقته على توزير أحد من بيئة “حزب الله”، لا بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة، وهذا ما يجعل أمر تشكيل الحكومة متعذّرًا في الوقت الحاضر، وقد يكون ربط البعض هذا الإستحقاق بموعد تسلّم جو بايدن مقاليد الرئاسة الأميركية له ما يبرّره، إذا أن الإدارة الأميركية الجديدة ستكون وقتها منهمكة بقضايا أكثر أهمية من قضية تشكيل الحكومة في لبنان، وقد يجد البعض في هذا الأمر فرصة سانحة لتمرير تشيكيلة يكون فيها لـ”حزب الله” تمثيل ما، بإعتباره مكّونًا لبنانيًا من الصعب تجاوزه من ضمن التركيبة التوازنية القائمة في البلد، وهذا ما يعتقده كثيرون من المسؤولين اللبنانيينن وبالأخص بين صفوف الثامن من آذار.
وكان لافتًا حديث الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، الذي قال إن الحكومة لا تزال تحتاج إلى مزيد من الوقت لحلحلة بعض العقد، مشيرًا إلى أن لا مشكلة بيننا وبين الرئيس الحريري، الأمر الذي فسره البعض بأنه مؤشر إلى توافق ضمني على عدم إستبعاد إشراك “حزب الله” في الحكومة العتيدة، ولو من خلال وزراء أخصائيين وغير حزبيين، وهذا ما يفسّر إلى حدّ ما أرجحية ترك الموضوع الحكومي في براد الإنتظار حتى يحين الوقت المناسب، على رغم أن العلاقة بين الرئيسين عون والحريري ينقصها عامل الثقة، الذي تعزّز فقدانه قبيل عيد الميلاد، على اثر الأجواء التعطيلية، التي مارسها من وراء الرئيس عون، وقد اسماهم الرئيس الحريري بـ”وطاويط القصر الجمهوري”ن الذين يعملون في الليل، فيما إتهمت دوائر قصر بعبدا بعض الغرف السوداء بالعمل على تعطيل مسيرة العهد.
وفي المعلومات المتوافرة عبر التواتر أن “حزب الله” مستعد للتدخّل في الوقت المناسب لإصلاح ما أنكسر بين قصر بعبدا و”بيت الوسط”، ولإعادة الثقة بين الرئيسين، بإعتبار أن البلد لم يعد يحتمل المزيد من الإنتظار، وهذا ما أعلنه البطريرك الراعي أكثر من مرّة، وكان أبلغه مباشرة إلى كل من الرئيسن عون والحريري.
ويعتقد كثيرون أن رسالة البابا فرانسيس إلى اللبنانيين في مناسبة عيد الميلاد، عبر بكركي وليس عبر القنوات الدبلوماسية اللبنانية، تحمل مؤشرات كثيرة يجب التوقف عندها مليًا، خصوصًا عندما تحدّث عن المصالح الخاصة التي تطغى على المصلحة العامة، وربط اللبنانيين إستحقاقاتهم الداخلية بعوامل خارجية، الأمر الذي يدّل إلى أن المسؤولين عن البلاد والعباد لم يبلغوا بعد سن الرشد السياسي، وهم ماضون في مخططاتهم الخاصة، التي هي أبعد ما تكون عن المصلحة العامةن التي تعني جميع اللبنانيين على حدّ سواء، وهم باتوا اليوم أقرب ما يكونون إلى حالة من اليأس والقنوط بعد كل الذي يجري من أمام عيونهم، وهم غير قادرين على تغيير ولو فاصلة واحدة من مشهد إنهيار لبنان.
المصدر:لبنان 24