المركز العربي للمناخ – المهندس احمد العربيد
اجتاحت موجات من البرد الشديد مساحات شاسعة من الكوكب خلال شهر ديسمبر الحالي : شملت كلا من ألاسكا و جبال الألب و الهند و أيسلندا و أستراليا و روسيا ، ادت الى تسجيل كم هائل من الارقام القياسية من حيث البرودة والهطول الكثيف للثلوج والامطار
حاليًا في روسيا ، تجتاح كتلة هائلة من البرد القطبي البارد جداً أكثر من 80% من مساحة هذه الدولة العابرة للقارات والتي تبلغ مساحتها 17.1 مليون كيلومتر مربع ، بالاضافة الى ان التوقعات مازالت تشير الى ان المزيد من الموجات الباردة في طريقها الى روسيا.
انخفضت درجات الحرارة في المناطق الوسطى والشرقية بأكثر من 20 درجة مئوية عن المتوسط , حيث ان الهواء البارد جدا والقادم القطب الشمالي يتمركز بشكل غير طبيعي ويمتد إلى أقصى الجنوب على خلفية حركة التيار القطبي النفاث ” ميريديونال ” الضعيف والمتموج.
في روسيا على وجه الخصوص ، يجب الوقوف والنظر بتحليل عميق , حيث انه لا ينبغي الاستخفاف بالانخفاض الكبير والذي بلغ 20 درجة مئوية عن المتوسط الموسمي. ان هذا الانخفاض انعكس على مؤشر مقياس الحرارة الزئبقي ووصل الى أدنى مستوياته عند -50 درجة مئوية (-58 درجة فهرنهايت) وحتى -60 درجة مئوية (-76 فهرنهايت) ، وهذا يعتبر احد اقل درجات الحرارة المسجلة على الإطلاق في نصف الكرة الشمالي.
وكما تم الاشارة أعلاه ، فان هذه النزولات الباردة جداً ادت الى حالات انجماد قارية غطت مساحات ضخمة من نصف الكرة الارضية الشمالي.
امتدت حالات الاجماد من أقصى شرق كازاخستان عبر وسط و شرق روسيا ، وشملت ألاسكا وصولا لكندا و امتدت الى ان وصلت ولاية فلوريدا الأمريكية ” العروض الوسطى والدنيا “.
اضافة الى ذلك فان اخر البيانات الواردة لدينا تشير الى ان درجات الحرارة فوق شمال المحيط الهادئ أقل بكثير من المعتاد.
يصاحب موجات البرد هذه مؤشرات قياسية تم تسجيلها مؤخراً , وعلى سبيل المثال، حطمت الاسكا رقم قياسي جديد بتاريخ 19 ديسمبر لكميات الثلوج المتساقطة كما اشارت وكالة نوا ” الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي ” حيث ان الرقم السابق لتساقط الثلوج في يوم واحد كان مترين و 23 سم وتم تسجيله في عام 2003 ,, اما الرقم الحالي الجديد بلغ مترين و 44 سم وتم تسجيله بتاريخ 19 ديسمبر 2020
ايضا في اليابان ، تم تسجيل رقم قياسي جديد مع مترين و 20 سم من الثلوج تساقطت خلال اقل من 72 ساعة
في الواقع ، هناك العديد من المناطق التي تعرضت مؤخرًا من تساقط كميات ضخمة من الثلوج القياسية ، وتشمل أيسلندا وجبال الألب وكندا والولايات المتحدة وروسيا وجنوب آسيا. وقد اشرنا في مقالات سابقة الى ان الكثير من المناطق تتعرض لتساقطات ثلجية وبرودة غير مسبوقة في السجلات المناخية.
بالاضافة الى ذلك , الموجات الباردة تضرب اجزاء من نصف الكرة الارضية الجنوبي , حيث تعاني استراليا من انخفاض كبير على درجات الحرارة عن المعدلات الطبيعية
أدى كل هذا البرد الاستثنائي وغير المسبوق إلى انخفاض متوسط درجات الحرارة العالمية وهذا ما اشرنا اليه وتوقعناه منذ عدة مواسم , حيث ان الارض بدأت بتبريد كبير وتدريجي نتيجة لانخفاض عدد البقع الشمسية خلال الدورة الشمسية الماضية والتي تحمل الرقم 24 اضافة الى ذلك فقد ثارت عدة براكين حول العالم مؤخرا , والملفت للنظر ان عدد البراكين التي ثارت خلال الاشهر القليلة الماضية كان كبير احصائياً , وقد اشرنا ايضاً في مقال سابق الى ان محصلة ثوران هذا العدد الكبير من البراكين سيؤدي الى انخفاض حرارة الارض بسرعة نتيجة لانبعاث كميات ضخمة من ثاني اكسيد الكبريت في الغلاف الجوي ,