تحرّكت الرمال الحكومية في الايام الاخيرة بدفع من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي قصد بعبدا للوقوف عند حقيقة العوائق التي تحول دون ولادة التشكيلة الوزارية، واستقبل موفدين من قبل الرئاستين الاولى والثالثة لمعرفة وجهة نظر كل طرف حول الموضوع الحكومي ومطالب كل فريق.
ونتيجة للجولات المكوكية للموفدين الى الصرح البطريركي، يبدو ان “أوراق التوت” بدأت تسقط تباعاً عن “هوية” المعرقلين الذين ينسفون كل المساعي الحكومية تحت شعارت “وحدة المعايير”، وهو ما ظهر جلياً في عظة البطريرك الراعي امس عندما اعتبر “ان لا توجد معايير باستثناء معايير الدستور والميثاق”، مشدداً على “ان المطلوب حكومة غير سياسية وغير حزبية، لا محاصصات فيها ولا حسابات شخصية ولا شروط مضادة، ولا ثلث معطلاً يشلّ مقرراتها”.
وبإنتظار اللقاء المُقرر مبدئياً غداً بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري-الذي يبدو انه نتاج حراك البطريرك الراعي على خط التشكيل، اعتبرت اوساط سياسية معارضة “ان زيارة الرئيس الحريري بكركي نهاية الاسبوع الفائت يبدو انها “حشرت” الرئيس عون والفريق المُحيط به، اذ اسدلت الستارة عن دور رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في عملية التأليف ووضع العصي في العربة الحكومية تحت مسمّيات وحجج متعددة خلافاً لما قاله في حديثه الصحافي منذ ايام نافياً مطالبته بالثلث المعطّل مع سبعة وزراء مسيحيين من ضمنهم وزارة الطاقة”، موضحاً ان التيار البرتقالي لم يقرر المشاركة في الحكومة من عدمها او حتى تأييدها”، ومتّهماً الرئيس المكلّف بتجاوز الدستور وحق رئيس الجمهورية بالمشاركة في عملية التأليف”.
وتماشياً مع المثل الشعبي “بكل عرس الو قرص”، يبدو ان باسيل بحسب الاوساط السياسية المعارضة هو “القرص” في العرس الحكومي. فلا حكومات تُشكّل وفق الدستور وهي تأخذ شهوراً للولادة، والرئيس عون قالها مرّة عندما كان رئيساً لتكتل “التغيير والاصلاح” “عمرو ما يكون في حكومة لعيون صهري باسيل”.
وعليه، اعتبرت الاوساط “ان مواقف باسيل تُعدّ خروجاً على اتفاق قصر الصنوبر وما تعهد به رؤساء الكتل النيابية امام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال زيارتَيه المتتاليتين الى لبنان عقب انفجار مرفأ بيروت، لان المبادرة الفرنسية نصّت على ضرورة تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلّة عن السياسيين تكون قادرة على قيادة ورشة الاصلاحات المطلوبة من لبنان كمقدّمة لمدّه بالمساعدات المالية الضرورية لإنعاش إقتصاده المتدهور”.
من هنا، شددت الاوساط على “ان فريق العهد يريد حكومة وفقاً لمبادرته الخاصة وليس للمبادرة الفرنسية، اي حكومة نسخة طبق الاصل عن حكومة الرئيس حسّان دياب، حيث يستحوذ التيار ورئيس الجمهورية على حصة الاسد من الوزراء المسيحيين، وحليفه الثنائي الشيعي على وزارة المال بالاضافة الى حقائب خدماتية اخرى، وهو ما يُعدّ ضرباً للمبادرة الفرنسية من اساسها التي نصّت على ضرورة تشكيل حكومة مهمة وإستثنائية من غير الاحزاب التقليدية وتعتمد مبدأ المداورة في توزيع الحقائب”.
المصدر: المركزية