المصدر: International Scopes – سكوبات عالمية | شادي هيلانة
توترت العلاقة الباسيلية – الحريرية منذ استقالة الحكومة في 29 تشرين الأول 2019، بعدما كان الرجلان يلتقيان اسبوعياً حتى اصبحا من اعز الاصدقاء، مباشرة بعد “الزعل والخصام”، شُنتّ الحملات السياسية المتبادلة، نتيجتها طلاق سياسي، وامتناع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عن تسمية الحريري في الاستشارات.
فمنذ شهر تشرين الاول اي مع التكليف لتشكيل حكومة نشطت الوساطات الداخلية والفرنسية لتقريب وجهات النظر بين الحريري وكل من الرئيس ميشال عون وباسيل كلها ذهبت سُدى من دون جدوى، وبقيت تحت حكم المراوحة والتضليل.
على الرغم من منسوب التفاؤل الذي سيطر على وجه البطريرك الماروني “بشارة الراعي”، من القصر الجمهوري، من ثم لحقه باسيل الى الصرح البطريركي، فُهم من هذه “الحركة” بأن الكلمة الفاصلة عند “صهر العهد”، “والنهي عن المنكر”.
من دون ادنى شك، ان “الراعي” حمل على عاتقه “المهمة المستحيلة”، من ناحية شروط باسيل التعجيزية، فهل سيفلح بمهمته؟
على سبيل المثال، هل يقبل “الحريري والراعي”، وهما المدافعان الشرسين عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بقيام اجراءات ضده، ووضع الرجل في رئاسة الحاكمية، لفترة موقتة، وينتهي امره مع بدء تنفيذ الاصلاحات النقدية اللازمة لوقف تدهور سعر الصرف؟
وهل يقبل الرجلان؟ بأن يتحكم النائب “باسيل” بلعبة التأليف، تارة بالتمسك بالثلث المعطل، وتارة بإحتكار التمثيل المسيحي، فضلاً عن التمسك بالحقائب السيادية التي بحوزته وبحوزة غيره، فهو يحاول “تكبير الحجر”، والامساك بالقرار الحكومي الى جانب الرئيس الحريري، وهذا أمر يضرب صلاحيات الرئاسة الثالثة ويجعل باسيل شريكاً مضارباً للأخير في الحكم.
فشرط باسيل وهذا ما صرح به، عند تكليف سعد الحريري، حكومة تكنو سياسية، بمعنى أن تكون ذات دعم سياسي. ما يطالب به باسيل، مراراً وتكراراً، هو اعتماد مكاييل ومعايير موحدة، وخلاف ذلك سيؤدي الى العرقلة، فتراجع عن شرط مشاركته شخصياً في أي حكومة يرأسها الحريري، ولكن بشرط تمثيل تكتله في الحكومة في وزارات محددة وان يسمي هو وزراءه.
وتطعيم الحكومة بشخصيات ليست تكنوقراط بالكامل وفي الوقت نفسه غير حزبية او سياسية بشكل مباشر.
لا يختلف إثنان على أن الحريري يسعى صادقاً الى تشكيل الحكومة لأنه يريد أن يحكم، لكن يريد في الوقت نفسه الحفاظ على ما تبقى من ماء وجهه السياسي بالتمسك بآخر مواقفه، بعد سلسلة إخفاقات اعترف بها، بالاضافة الى تنازلات قدمها على أكثر من صعيد، وهو أيضا يخشى الاعتذار لأن خطوة من هذا النوع من شأنها أن تقلب الأمور رأساً على عقب.
كيف نثق برجل قال يوماً: “مستعدون أن نضحي ليس بمقعد وزاري واحد بل بكل مقاعدنا لإنقاذ البلد من الانهيار والفوضى!” يبقى السؤال ما جدية هذا الكلام؟ وهل فعلاً حدث ذلك؟ فلا حلول سوى الضغط على باسيل من رئيس الجمهورية والبطريرك الراعي، للتخلي عن الثلث المعطل، والتوقف عن إختراع العراقيل، وما دون ذلك فإن الحكومة ستبقى في ثلاجة الانتظار الى ما شاء الله.