“عيد بأية حال عدت يا عيد”. ما من وصف أفضل للتعبير عن الأوضاع الصعبة التي يمر بها لبنان عشية عيد الميلاد المجيد إلا بيت الشعر هذا للشاعر العربي الشهير أبو الطيب المتنبي.
إلا أن الزينة التي كانت تملأ الشوارع في مثل هذا الوقت بقيت خجولة جداً، وغاب الناس والأطفال عن الأماكن العامة القليلة في العاصمة.
ففي ظل تدهور قيمة الليرة اللبنانية والذي تسبب بغلاء فاحش، موائد اللبنانيين شبه خالية بعد ارتفاع سعر اللحوم أكثر من ثلاثة أضعاف.
إنه الغلاء الذي لم يترك شيئاً إلا ووصل إليه، حتى الطماطم وصل سعر الكيلو الى ثمانية الاف ليرة بالاضافة الى البطاطا والبصل وغيرها من الخضار والفواكه.
ففي أحدث تجليات معركة البقاء التي تخوضها غالبية اللبنانيين منذ سنة حتى الآن، يبدو هؤلاء اليوم أقرب إلى اقتصاديين وهم يراقبون سعر صرف العملة الوطنية مقابل الدولار الأميركي. ذلك أنه مع كل هبوط في قيمة الليرة اللبنانية، تتعمق معاناة الجزء الأكبر من اللبنانيين على صعيد تأمين أساسيات الحياة.
إلا أن الحال تغير هذه الأيام. فيقول أحد أصحاب المحلات الذي تبادلنا معه أطراف الحديث : “انخفضت قدرة الناس على الشراء أكثر من النصف، حتى الذين يدخلون إلى المجمع التجاري، ويسألون عن الأسعار أكثر بأضعاف ممن يشترون”.
هذه الأوضاع بمؤشراتها المرشحة للتصاعد وما يترتب عليها من تدهور اجتماعي وقيمي ونفسي كبير وانعكاسات ذلك على التماسك المجتمعي لشعبنا بفئاته ومكوناته المختلفة، يضع صانعي القرار بمستوياتهم وتصنيفاتهم المختلفة وكافة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية أمام مسؤولياتها، تحديداً وزارة الاقتصاد !
المستهلكون لهم “مديرية حماية المستهلك” لكن مع الأسف لم نر لها أثراً، مع أنه يفترض أن يكون لها دور فاعل مع الوزارة بخدمة المستهلك من نواحي مراقبة الغش ومراقبة الأسعار وخدمة المستهلكين، ويفترض بها ضمان مسارات الضلع الثالث بالرؤية: القطاع غير الربحي.
بالنتيجة، فإن “المواطن لا يمكنه الصمود أمام هذا الغلاء الفاحش من دون الاعتماد على أحد أقاربه في الخارج مالياً”.
المصدر: الكلمة أونلاين – شادي هيلانة