كشفت أوساط سياسية، أن صعوبات جمّة في تلمّس طريق الخروج من نفق الإشتباك الطائفي الذي سلكه مسار تأليف الحكومة الجديدة، وإن كان العنوان ينسحب على ما يرافق التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت في الدرجة الأولى. لكن الأوساط نفسها، تحذّر من الحرب التي فُتحت بين القوى السياسية، والتي انقسمت بسرعة إلى معسكرات طائفية، حيث أن الإمعان في المزايدات والمواقف والبيانات المتناقضة في المضمون يحمل دلالات على أن ما كل ما جرى الحديث عنه من مؤامرات ومخطّطات إرهابية لتوتير الساحة اللبنانية، إنما ينطلق من الداخل، وليس من أي جهة خارجية، حيث أن القوى المحلية تتكفّل بنفسها بالقضاء على كل المحاولات التي تهدف إلى إخراج لبنان من محنته.
وتؤكد الأوساط، أن ثمة مجموعة من المستفيدين من السجالات والإنقسامات التي انطلقت غداة الإجراء القضائي الذي اتخذه المحقّق العدلي القاضي فادي صوّان، في الإدعاء على الرئيس حسان دياب وثلاثة من وزراء سابقين، لافتة إلى أن الإنقسام حيال هذه الخطوة قد انسحب سريعاً على لعبة تأليف الحكومة السياسية التي تحوّلت إلى سجالات مفتوحة تنذر بنسف مجمل الجهود المبذولة على مدى أسابيع، من أجل فتح ثغرة في جدار العلاقات “المشحونة” ما بين قصر بعبدا وبيت الوسط.
ومن شأن هذا الواقع، أن يترك بصمات واضحة على المعادلات السياسية الداخلية التي تتحكّم بتكوين السلطة، من دون أن يكون هذا الأمر سلبياً أم إيجابياً، كون الإشتباك بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، كما تضيف الأوساط نفسها، قد انتقل من خلف الأبواب المغلقة إلى العلن، وحمل أكثر من طابع دستوري وسياسي، من دون إغفال طابع تصفية الحسابات القديمة.
ومن ضمن هذا السياق، تتخوّف الأوساط، من أن يدفع الإصطفاف الطائفي إلى استنهاض “الشوارع” التي بدأت تستعد لرفع الصوت اعتراضاً على ما تعتبره استهدافاً لحقوقها، أو حقوق زعمائها، وذلك بصرف النظر عن كل الأخطار المحدقة بأي تصعيد قد يفتح الباب على مواجهات في الشارع، وستكون لها تداعيات خطيرة على الوضع بمجمله، وليس فقط الوضع السياسي، بل المالي والإجتماعي، وصولاً إلى الأمني، مع العلم أن مقاربة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، للمشهد اللبناني ووصفه لبنان كله ب”باخرة تغرق”، يدلّ على أن الإدارة الفرنسية، كما المجتمع الدولي، يتفقان على “اليأس” من أي إجراءات محلية أو خطوات سيقوم بها السياسيون لمواجهة الإنهيار الداهم.
وبالتالي، يشدّد الوزير السابق نفسه، أن توقيت كلام وزير الخارجية الفرنسي يعكس الخشية لدى باريس من المرحلة المقبلة، ويتساءل عن ازدحام الملفات على الساحة الداخلية، وتحوّل كل واحد منها إلى عامل تصعيد وتفجير للعلاقات السياسية، بدءاً من ملف التدقيق الجنائي إلى ملف الدعم وصولاً إلى ملف تأليف الحكومة، ومروراً بملف التحقيق بانفجار مرفأ بيروت.
وفي الوقت نفسه، فهو يلفت إلى أن هذا التوجّه يؤدي حتماً إلى عرقلة المسار الحكومي، ولكنه يدفع أيضاً باتجاه تفجير الوضع برمّته، في ظل تسليط الأضواء على الإستقرار الأمني قبل أي عنوان آخر.
المصدر: ليبانون ديبايت – فادي عيد