عقد اعضاء تكتل “الجمهورية القوية” النائب السابق لرئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني والنائبان بيار بو عاصي وادي ابي اللمع مؤتمرا صحافيا في المقر العام لحزب “القوات اللبنانية” في معراب لعرض “مقاربة القوات اللبنانية لتنظيم الدعم المباشر عبر المحفظة الإلكترونية”.
بداية، اشار حاصباني الى أنه “في ظل الظروف الاجتماعية المأساوية الاستثنائية التي يمر بها لبنان، ووصول أكثر من 55 في المئة من الشعب اللبناني الى خط العوز – بما فيهم الطبقة الوسطى وبعض ممن كانوا ميسورين – وحتمية نفاد الاحتياطات بالعملات الأجنبية التي يستخدمها مصرف لبنان لتغطية سعر صرف العملات الأجنبية لبعض السلع والمواد الضرورية، لا بد من اتخاذ خطوات سريعة ومقاربة مختلفة لتأمين العيش بكرامة للمواطنين اللبنانيين لفترة زمنية محددة، ريثما تجترح الحلول المستدامة للأزمة المالية والاقتصادية الحالية”.
وأعلن أن تكتل “الجمهورية القوية” اجرى “اتصالات ونقاشات ودراسات مع جهات محلية ودولية لبلورة مقاربة عملية لموضوع الدعم الذي يشكل هاجسا كبيرا لجميع اللبنانيين”.
ولفت الى أن “الدعم كما هو قائم هو كناية عن تغطية العملات الأجنبية للاستيراد بنسب مختلفة، أي يبيع مصرف لبنان المستوردين عبر المصارف عملة أجنبية بسعر محدد لسلع محددة، وهو ليس دعما بالمفهوم الصحيح”.
واضاف: “هذه التغطية تقدر بإجمالي 5 مليارات دولار تقريبا – من دون كهرباء لبنان – وتتوزع كالآتي:
– المواد الغذائية 1,44 مليار دولار سنويا.
– الأدوية والمستلزمات الطبية 1,3 مليار دولار سنويا.
– المازوت والمحروقات 2,24 مليار دولار سنويا على الأسعار المتدنية”.
وأشار الى ان “هذه التغطية تعاني اشكاليتين:
– الإشكالية الأولى هي أنها ليست دعما للسلع أو الصناعات بالمفهوم الصحيح والذي عادة تقوم به الدولة، بل هي تغطية لفرق سعر صرف العملة للاستيراد من احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية. وهذا ما كان يحصل لسنوات لتثبيت سعر صرف العملة وما نشهده الآن هو تقليص في عدد السلع المغطاة، لا أكثر. فقرار الدعم ونسبه يتخذه بهذه الحالة مصرف لبنان وهو صاحب الصلاحية بالرغم من انه قد يكون موجها معنويا من الحكومة، لكن من دون ترتيب مسؤولية عليها، وهو يحصل باستخدام احتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية، أي أموال المودعين أو ما قد يستخدم لحماية أموالهم والعمل على النهوض بالاقتصاد واستقرار النقد. وهذه الأموال لا تسجل كديون على عاتق خزينة الدولة.
– أما لإشكالية الثانية، فهي أن الدعم الشامل الذي يغطي السلع وليس الأفراد، يؤدي الى التهريب والتخزين وكساد بعض المنتوجات نتيجة عدم بيعها أو استهلاكها، وبالتالي يهدر جزء كبير منه من دون افادة أحد باستثناء بعض التجار والمستوردين أو المهربين أو الذين يتاجرون بفرق سعر العملة”.
وحذر من أن “نسبة الاحتياط بالعملات الأجنبية المتبقية لمصرف لبنان قد لا تكفي لمدة طويلة إذا استمررنا على الوتيرة والمقاربة عينها، وقد تكون لأسابيع أو بضعة أشهر حتى إذا تم ترشيد التغطية، مما يعني أن ما هو قائم اليوم قد يتوقف فجأة أو تدريجيا بشكل متسارع.
ودعا الى “إستدراك هذا الأمر وإجتراح حلول عملية للدعم بالطرق الصحيحة التي تقلص الهدر وترشد استخدام الأموال وتعتمد على المصادر التمويلية الصحيحة”.
وشدد على أنه “لا بد من تطوير هذا التفكير لتتحول تغطية سعر صرف العملة الى شبكة حماية اجتماعية صلبة، تتمثل في حماية ومساعدة مباشرة للأسر والأشخاص بدل تغطية فرق سعر العملة للسلع، وتكون من مصادر تمويلية خارجية وداخلية مخصصة للدعم المباشر، بدل أن تكون شاملة وترتكز على دعم سعر صرف العملة من الاحتياطات”.
وختم: “تصطحب هذ المقاربة بدعم الصناعة المحلية في القطاعات الأساسية الإنتاجية مع آليات واضحة لتوجيه هذا الدعم وإدارة رشيدة ان كان للمصنعين أو الموزعين أو المواطنين. ولا بد من أن نعي جميعا ان مصادر تمويل الدعم تكون متاحة عندما يبدأ الإصلاح الفعلي والعمل بشفافية وتأخذ الدولة على عاتقها جزءا ولو بسيطا منه، بالإضافة الى الدعم الخارجي”.
ثم عرض النائب أبي اللمع لمبدأ الدعم، قائلا: “يتوجب على الدولة ان توفر شبكة أمان اجتماعية للأكثر حاجة من مواطنيها تتضمن جوانب عدة منها التغطية الصحية والتعليم ودعم الأسر الأكثر حاجة والدعم المباشر للأكثر تأثرا بالتدهور الاقتصادي، أو ما كان يعرف سابقا بالطبقة الوسطى. على الدولة أن توفر تغطية كلفتها إما من مواردها وإذا تعذر ذلك، من خلال دعم المنظمات والمؤسسات الدولية إذا فشلت الدولة في توفير الموارد في حال الانهيار الاقتصادي والمالي. لكن الدعم غير المباشر والمفتوح من خلال التغطية من احتياطات العملات الأجنبية فهو فقط يؤجل المشكلة ويفاقمها بدل ان يعالجها. كما أن هذا النوع من الدعم يسبب خسائر كبيرة نتيجة الهدر والتخزين والتهريب”.
وأشار الى أن “من ضمن مقاربة “القوات” مطالبة الحكومة بالخطوات التالية:
– عدم الاعتماد على احتياطات مصرف لبنان وعدم المس باحتياطات المصارف واستبدال هذه المقاربة بسياسة دعم اجتماعي مباشر لمدة زمنية محددة ريثما يتم تحسين الوضع الاقتصادي.
-اتخاذ خطوات لتخفيف الحاجة للاستيراد وخفض كلفة السلع بالتركيز على تشجيع الصناعة المحلية للسلع الأساسية وتوجيه الدعم المباشر للقطاعات الإنتاجية الأساسية للمجتمع مثل الدواء والزراعة.
– توفير التمويل للدعم المباشر عبر منظمات دولية، بدءا بالبنك الدولي الذي يشرف حاليا على مشروع دعم الأسر الأكثر فقرا.
– الاستثمار الفوري لإصلاح الكهرباء لتخفيف كلفة استيراد الفيول كما اصلاح القطاعات الأخرى والشروع بالإصلاحات المالية التي من شأنها تعزيز الثقة الدولية مما يساعد على استقطاب التمويل للدعم المباشر.
مكافحة التهريب ووضع حد نهائي له”.
ولفت الى أنه و”بحسب البنك الدولي، تخطى عدد المواطنين اللبنانيين الواقعين في إطار الفقر نسبة 55% أي ما يقارب 660 ألف عائلة. وقد يرتفع هذا الرقم سريعا مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية. لذلك أي سياسة دعم عليها ان تركز على هذه الفئة كأولوية.
وأكد أن “أهداف الدعم المباشر هي تخفيف الهدر القائم من احتياطات العملات الأجنبية بسبب التهريب والتخزين والتلف واتجار البعض بفرق العملة، وهو يهدف الى تحقيق جزء من شبكة الأمان الاجتماعية للفئات المجتمعية الأكثر حاجة”.
واعتبر أن “على أي سياسة للدعم أن تستند إلى الأسس الآتية:
– استهداف الأسر الأكثر حاجة كأولوية.
– تمويل مباشر من خلال خزينة الدولة جزئيا وعبر ترشيد الانفاق في أماكن أخرى والشروع بالإصلاحات فورا، إضافة الى المساعدات الإنسانية الدولية.
– عدالة في التوزيع الجغرافي بين الأكثر حاجة ومن دون محاصصة سياسية.
– وسيلة توزيع إلكترونية آمنة تسهل التدقيق ولمتابعتها ضمن أطر تنظيمية مالية”.
وختم: “من هذه المبادئ، تطلق المبادرة لتقديم آلية عملية وبنى تحتية مقترحة لتوفير هذا الدعم وتوزيعه”.
من جهته، أشار النائب بو عاصي الى انه يتحدث اليوم من موقعه “مواطنا مجروحا وموجوعا من الواقع الذي وصلنا اليه ونائبا ووزيرا سابقا للشؤون الاجتماعية يدرك طريقة عمل آليات الدعم الاجتماعي على المستوى اللبناني والعلاقات مع المانحين والمراجع الدولية”.
وأضاف: “انا مجروح لان ابشع وباء يضرب مجتمعنا – وهنا لا اقصد وباء كورونا على خطورته وسوئه – بل وباء الفقر وفقدان القدرة الشرائية في مجتمع اشتهر بديناميكيته وانتاجه ونجاحه أينما حل في دول العالم. فجأة هذا المجتمع الذي لم يغلط بشيء لا بأدائه ولا بالتزامه وجد نفسه امام شبح خطير حيث الفقير أصبح معدما والطبقة الوسطى إنتقلت الى طبقة الفقراء الجدد. هذا التحول صعب جدا علينا جميعا، لذا يجب ان نعلم ماذا جرى وان نضع الحلول الناجعة والناجحة”.
وتابع: “بعد سلسلة اجتماعات في قصر بعبدا والسرايا، فوض حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لتوفير دولارات بسعر 1500 ل.ل.، أي بالسعر الرسمي وليس بالسعر الفعلي، وفي الاساس منذ 10 أعوام لم يعد الـ1500 هو السعر الواقعي – لشراء المستلزمات الأساسية المستوردة من الخارج. وهنا اسأل هل قوم احد هذه السياسة وأجرى دراسة أثر لها، لمعرفة مدى انتاجها وإستدامتها؟ وهل من تعديلات يجب إدخالها؟ للأسف، كالعادة ننتظر اخر دقيقة لنعلن ايقاف المسار لأن الإمكانات لم تعد متوافرة كما هي الحال اليوم بالنسبة الى الدعم. هناك خطان بيانيان يسيران في الاتجاه المعاكس: خط الامكانات يخف وخط الحاجات يرتفع. معالجة هذا الامر تقع على عاتق الدولة”.
وشدد على أن “الدولة لا تستطيع ان تستمر في ظرف صعب من دون موازنة جدية للشؤون الاجتماعية”، وقال: “هنا ثمة مؤشر الى عدم وجود سياسات ورؤية لديها. ففي كل دول العالم وزارات الصحة والشؤون الاجتماعية والتربية والبيئة هي الوزارات السيادية، فكيف يعقل ان تكون موازنة “الشؤون” 1% فقط من الموازنة العامة؟”.
أضاف: “كان لدينا تجربة في “الشؤون” لمعالجة موضوع الفقر من خلال “برنامج دعم الاسر الأكثر فقرا”- الذي كنت حريصا جدا عليه – بالطبع لا ينطبق هذا البرنامج كما هو قائم اليوم على الوضع الحالي للبنان، ولكن أهميته انه اعتمد على خبرات دولية وليس على الوحي الذي يهبط في أحيان كثيرة على بعض المسؤولين خلال الاجتماعات في لبنان ويقول لك هكذا يجب ان نعمل من دون رجوعه الى تجارب المنظمات الدولية التي تعمل في هذا المضمار سواء أكان في الهند او مصر او جنوب افريقيا او اميركا اللاتينية. بالطبع كمسؤول عليك ان تتخذ قرارا ولكن ليس اعتباطيا وعشوائيا”.
وأشار الى ان “برنامج الاسر الأكثر فقرا” كان يوفر بطاقات تمويلية لـ10 الاف أسرة واصبح 50 الفا ومن المرتقب ان يصبح العدد 200 الف اسرة مع قرض البنك الدولي بقيمة 246 مليون دولار الذي سنصوت عليه في مجلس النواب. هذا برنامج جدي ولا يمكن تسييسه اكان في مرحلة الاستهداف او الدفع، وهو يمر بحسابات مصرفية ويصل مباشرة الى المواطنين”.
وتابع: “لذا، اقترحت في آخر جلسة للجان النيابية المشتركة ان نستوحي من هذا البرنامج لنقوم بعملية دعم للأسر الأكثر حاجة اليوم في لبنان. هنا لا بد من اشراك البنك الدولي في اعداد دراسة في هذا الصدد جراء خبرته ومعرفته. كما ان التطبيق على الأرض يجب ان يكون متعدد الابعاد كما برنامج الفقر حيث هناك شراكة بين “الشؤون” ورئاسة مجلس الوزراء والبنك الدولي وبرنامج الأغذية العالمي. لدينا 800 الف عائلة مستهدفة منها 200 الف تفيد من برنامج الاسر الأكثر فقرا وتبقى هناك 600 الف عائلة. لذا يجب ان نكون واعين لحجم المشكلة. كذلك ان المقاربة القائمة على زيارة البيوت كما يجري في مشروع الفقر صعبة جداً في ظل هذا العدد الكبير، لذا يجب اعتماد مقاربة أخرى اذ نحن في سباق مع الوقت”.
وتوقف عند مسألة التمويل، معلنا ان “هذا المشروع كلفته في السنة بين مليار و300 الف دولار ومليار و500 الف دولار”.
وقال: “هذه المبالغ لا يمكن توفيرها الا عبر: ان تظهر الدولة اللبنانية انها تعي هذه الحاجة، فتعزز موازنة وزارة الشؤون الاجتماعية لهذا البرنامج ولو كانت مداخيل الدولة قليلة. ومن الطبيعي ان يأتي الجزء الأكبر من تمويل هذا البرنامج من صندوق النقد لذا المطلوب أولا حكومة واصلاحات ووقف هدر وفساد وإعادة بناء جسور الثقة مع المجتمع الدولي الذي هو مستعد عند القيام بذلك الى المساعدة الفورية”.
وختم: “اللبناني لا يقبل ان يكون عالة على احد وهو لم يعتد ان يستجدي بل ان يعيش من عرق جبينه. ولكن كيف له ذلك وانتم تخنقون سوق العمل وتضربون علاقة لبنان مع الدول العربية التي كانت متنفس للبنانيين الذي يحولون الاموال من الخارج الى الداخل؟ هربتم بممارساتكم السياحة والاستثمارات الخليجية خصوصا بعد العام 2011 وحكومة القمصان السود. لكن مهما اشتدت الصعاب، فنحن مجتمع نريد العيش بسلام وانتاجية والتفاعل مع العالم”.
آلية تحديد المستفيدين
وتناولت الخطة آلية تحديد المستفيدين وتقوم على:
“- إجراء دراسة شاملة تتولاها منظمة دولية مستقلة مثل البنك الدولي أو صندوق السكان للأمم المتحدة، بالتعاون مع وزارات الداخلية والبلديات، والشؤون الاجتماعية والعمل لتحديد مواصفات المحتاجين.
– توزيع عدد المستفيدين على الأقضية بحسب عدد السكان والحركة الاستهلاكية لكل قضاء.
– وضع آلية لتقديم الطلبات تتطلب اخراج قيد عائليا لكل أسرة وتعريفا للمختار والسلطات المحلية ومسحا لمندوبين ميدانيين من مؤسسات مختصة للتأكد من تطابق المعلومات مع وضع الأسرة الاجتماعي.
– إنشاء سجل وطني للدعم الاجتماعي تسجل فيه العائلات الأكثر حاجة مع رقم فريد لكل فرد من العائلة.
– تحديد المبالغ المالية المرصودة لكل عائلة تأخذ في الاعتبار عدد الأفراد، والحاجات الخاصة للعائلة.
– مطابقة المعطيات مع المعلومات المتاحة للدولة والتوزيع المناطقي العادل بحسب السكن والحركة الاقتصادية بعيدا عن المحاصصة السياسية.
المحفظة الالكترونية
وتضمنت الخطة إطلاق محفظة إلكترونية عبر:
– انشاء منصة نقدية إلكترونية تحت الأطر التنظيمية المالية اللبنانية.
– تدير هذه المنصة مؤسسات مصرفية تحت إشراف جمعية المصارف ورقابة من الجهات الممولة.
– تحول الأموال الى حساب خاص لهذا الغرض الدعم في مصرف لبنان.
– تحصل كل عائلة مستفيدة على حساب خاص يسمى بالمحفظة الإلكترونية في هذه المنصة، تحول اليه أموال المساعدات شهريا.
تستعمل هذه المحفظة في نقاط البيع لشراء المحروقات والمواد الغذائية الأساسية والأدوية الأساسية من الصيدليات
– يمكن المحفظة الإلكترونية ان تعمل عبر تطبيق الهاتف المتنقل أو بطاقة ممغنطة توزع على أفراد العائلة.
في إدارة الطلبات والتوزيع
تطرح مقاربة “القوات” خطوات لإدارة الطلبات والتوزيع عبر:
– انشاء خط ساخن للاستفسارات والإرشاد لتقديم الطلبات.
– تطوير تطبيق لتقديم طلبات الدعم إلكترونيا عبر الهاتف.
– تقديم الطلبات في مراكز الأقضية أو عبر المخاتير والبلديات.
– توزيع المحفظة إلكترونيا بتنزيلها عبر الهاتف أو بموجب بطاقة ممغنطة توزع عبر المصارف التي تدير المنصة.
– استخدام نقاط البيع القائمة للبطاقات الائتمانية للبطاقة الذكية أو تؤهل للدفع عبر تطبيق الهاتف”.
المصدر:لبنان 24