لن يتردد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في الاستمرار بفتح ملفات فساد تطال قوى سياسية ورؤساء احزاب على قاعدة “عليّ وعلى اعدائي يا رب”، ويأتي ذلك على وقع أسوأ أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية يتحمل العهد مسؤوليتها وفق المكونات السياسية في 14 اذار وبعض مكونات 8 اذار وبعض اعضاء تكتل لبنان القوي، خاصة بعد التدهور الحاصل الذي وصل ايضا الى القضاء الذي يشهد وفق المراقبين فوضى غير مسبوقة.
أسئلة كثيرة تطرح حيال الاندفاعة البرتقالية المستجدة في الثلث الأخير من ولاية رئيس الجمهورية في حين أنها كانت شبه معدومة في السنوات الاربع الماضية، فما الذي استجد في بعبدا وميرنا الشالوحي؟
لا شك أن العقوبات الاميركية على باسيل بتهم الفساد واختلاس الأموال والتي قد لا تغني عن عقوبات جديدة عليه وفق قانون قيصر، خلقت جدلا واسعا في البلد حيال كيفية تعاطي الاخير مع هذا المستجد ومواجهته محليا وخارجيا، الى حد تأكيد بعض المصادر المتابعة، أن الطريق أمام نائب البترون بات مسدوداً ودونه عقبات كثيرة لن تتبدد مع إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن التي لن تبدل تبديلا في العقوبات، ويأتي ذلك بالتوازي مع تاكيد مصادر دبلوماسية أوروبية تتقاطع مع أخرى أممية أن باسيل انتهى سياسيا بفعل أدائه وسياساته ومراكمته الاخطاء تلو الاخرى، وتلميح البعض الآخر إلى ضرورة المحافظة على التوازنات والابتعاد عن منطق الرؤساء الأقوياء الذي فشل.
يضرب باسيل، بعرض الحائط الدستور واتفاق الطائف، تقول المصادر، فلم يعد هناك ما يخسره، فهو يكابر على النكبات التي أصيب بها وتياره لا سيما بعد 17 تشرين 2019 ، ويفتح جبهات مع الاحزاب الحليفة أو التي على خصومة معها على قاعدة أن “التيار العوني” هو الضحية التي تكتلت قوى سياسية على مختلف انتماءاتها وولاءاتها لمحاربتها، مع اشارة المصادر الى أن هذا الأمر قد لا يمر بسلام، خاصة وان المستهدفين من رئيس تكتل لبنان القوي يملكون الكثير من الملفات التي تدينه وتياره في وزارات عدة وفي ملف الكهرباء والطاقة.
يعلم باسيل في قراره نفسه أن الحلم الرئاسي الذي يصبو اليه بعد انتهاء ولاية الرئيس عون أصبح مستحيلا أن يبصر النور، فحزب الله لن يكرر تجربة الفراغ الرئاسي من أجل أحد، لا سيما في ظل ما يمر به لبنان اليوم، فما بعد العام 2020 ماليا واقتصاديا ليس كما قبل العام 2016، وبالتالي فإن كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الأخير حيال تاكيده ان موقف باسيل من العقوبات الاميركية شجاع ووطني، ويبنى عليه بالسلوكيات الأدبية والسياسية لن يقرش في الرئاسة فالمعطيات الداخلية اختلفت، عطفا على الكثير من المعطيات العربية وتحديدا لجهة علاقة باسيل بسوريا فضلا عن التطورات الاقليمية والدولية، ولا يمكن المقارنة حتى عند حزب الله بين الرئيس عون وباسيل رغم دفاع مسؤولي حارة حريك الشرس في أحيان كثيرة عن النائب العوني والذي ياتي في خانة التأكيد على تفاهم مار مخايل وعدم اصطياد الخصوم في الماء العكرة، علما أن أي موقف لم يصدرمن الحزب يؤيد أو يدعم باسيل لرئاسة الجمهورية، هذا فضلا عما يحكى في الصالونات الضيقة والذي يشي بأن هناك اقتناعا عند بعض المعنيين في حزب الله وفي تكتل لبنان القوي أيضاً أن باسيل كاد يتجاوب مع الشروط الأميركية لو لمس تجاوبا من إدارة الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب مع مطالبه.
وسط ما تقدم، فإن الورقة الحكومية اسوة بملفات الفساد باتت، بحسب المصادر نفسها، اشبه بالملاذ الأخير لباسيل في الوقت الراهن فهو يتعاطى مع ملف التشكيل من منطق القوة، على قاعدة أن لديه اكبر كتلة نيابية في البرلمان يجب أن يؤخذ رأيها في الحسبان، وان حزب الله لن يتركه وحيدا في هذه المعركة الحكومية ولن يكون شريكا في كسره وتجاوز مطالبه، علما ان ابتعاد من يمثلون باسيل عن الحكومة يشكل مطلبا محليا قبل ان يكون مطلبا فرنسياً أو أميركيا، لكن الاخير يناور بالملف الحكومي من زاوية ان هذه الحكومة ربما تستمر الى ما بعد ولاية الرئيس عون، ولذلك يجب التشبث بمطلب الثلث الضامن خوفا من ان تذهب الأمور إلى منحى قد يفرضه الحريري بضغط خارجي في حال طرأ أي مستجد على الصعيد الرئاسي، في حين ان البعض يظن ان باسيل بالغ ويبالغ بالرهان على أهميته بالنسبة لحزب الله الذي لن يذهب الى اي خصومة او توتر مع السنة.
المصدر: لبنان 24
