المصدر: International Scopes – سكوبات عالمية | شادي هيلانة
الحكومة لا تدعم فعلياً فقط شعبها بل أيضاً الشعوب المجاورة والمتاجرين والسماسرة
نجح ” الواتس اب” في تجميع ما فرقته السياسة والطائفية، فلا صوت يعلو على نغمته، فهو الخدمة الأكثر شعبية في بلد مزقته الحروب ونهشته الطائفية على مدار عقود مضت، فكان إعلان الحكومة فرض ضريبة على مكالمات “تطبيق واتس اب” بمثابة الشرارة التي أشعلت الأرض المتخمرة.
ومع تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة العتيدة، بعد عام بالتمام والكمال على استقالته تحت وطأة هتاف الثوار وشعاراتهم، لم يتحرك احد من الثوار او رموز “الثورة” الذين كانوا اسقطوا حكومة الحريري قبل سنة.
فانكفأ الثوار الحقيقيون، وحل مكانهم بعض الموتورين الذين حاولوا الركوب على ظهر الثورة الّا انهم اخفقوا في ذلك ولم يحققوا ما كانوا يتمنونه وباتت تحركاتهم فولكلورية في نهاية كل اسبوع للقول إن الثوار ما زالوا متأهبين يحمون ثورتهم، لكنهم في الواقع لم يكونوا كذلك!
مضى الوقت، وغابت مطالب المحتجين بتشكيل حكومة إنقاذ وإجراء انتخابات نيابية مبكرة ومعالجة الأوضاع الاقتصادية واسترداد الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين وقضاء مستقل، ولكنهم لم يتمكنوا طيلة عام كامل من تحقيق مطالبهم.
فتمادى السياسيون واستغلوا هذا الهدوء، فإستُنهضت من جديد عاداتهم السيئة، فشلوا منذ ذلك الحين في تشكيل حكومة قادرة على مواجهة تحديات البلاد.
من ضريبة الواتسأب الى رفع الدعم عن المواد الحياتية الاساسية، تفاقمت الازمة بداية من عمليات التهريب إلى الدول المجاورة، ما يجعل الحكومة لا تدعم فعلياً فقط شعبها، ولكن أيضاً الشعوب المجاورة والمتاجرين والسماسرة، خلال رحلة الانتقال الطويلة للمواد الاولية ولغيرها من السلع المدعومة حكومياً. تلك هي المشكلة، أما الحل فكان برفع الدعم تماماً .
تضاعفت أسعار المواد الغذائية بشكل جنوني، بدأ الناس يشعرون باقترابهم من دخول مرحلة “تبييض السوق الأسود”، أي المرحلة التي تبدأ فيها السلع الأساسية بالتوفر في دائرة مقننة لكن بأسعار مضاعفة. ذلك كان أحد أسباب الدعوة لتظاهرات كبرى التي تجددتّ، وستأتي بإنفجار الشوارع باكملها.
فالعقلية التي تعشعش، هي عقلية تدار من قبل أمراء الحرب، كانوا وسيبقون سبباً لكل الكوارث الإقتصادية والسياسية و الأمنية التي مرت وتمر على لبنان.
الحل هو بالثورة الشعبية الجذرية، وتنظيم الصفوف في كل المدن وانتخاب قيادات سرية وعلنية للحراك الشعبي فبالتنظيم والوعي والمعرفة ومعرفة العدو من الصديق يمكن الانتصار كذلك يجب الحوار اللامتناهي، لجلب الحقيقة الى السطح كي يصحو الضمير الغائب، الذي لا يعرف ما هي مصلحته، وما هو جدير ببلده وشعبه، ولا يركض خلف القتلة واللصوص.