مع قدوم شهر الأعياد، بدأ اللبنانيون يتطلعون إلى ما سيؤول عليه سعر صرف الدولار الأميركي الذي يتحكّم بحياتهم اليومية، خصوصًا مع الأزمة الإقتصادية الحادّة وتدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي في السوق السوداء والأفق المسدودة والتي لا تُبشرّ بحلحلة للوضع السياسي.
والمعروف أن شهر كانون الأوّل (كما وشهر رمضان وفصل الصيف)، فترة مُهمّة للبنان على الصعيد السياحي حيث أن الكثير من المُغتربين اللبنانيين يأتون إلى لبنان لقضاء الأعياد مع ذويهم وبالتالي يُدخلون دولارات إلى الإقتصاد اللبناني، يُقدّرها الباحث الإقتصادي جاسم عجاقة ما بين ٦ إلى ٧ مليار دولار سنويًا في الأعوام السابقة، ويستفيد منها بالدرجة الأولى قطاع الخدمات.
تأتي الأعياد هذا العام في ظلّ الكثير من الأزمات، على رأسها وباء كورونا، والأزمة الإقتصادية، والأزمة النقدية مما أطاح بالقطاع المصرفي ومعه الليرة اللبنانية. وبالتالي ومع قدوم شهر كانون الأول، يُطرح السؤال عن سعر صرف الدولار خلال هذا الشهر؟
يقول عجاقة “إنّ سعر الصرف سيكون رهينة أربعة عوامل رئيسة: عدد المُغتربين اللبنانيين الوافدين، والوضع السياسي، والطلب الداخلي على السلع والبضائع، والمضاربة. فتوافد عدد كبير من المُغتربين اللبنانيين إلى لبنان سيُدخل العملة الصعبة إلى لبنان، مما يعني زيادة العرض على الدولار في السوق وهو ما سيدفع نحو خفضه وهذا سيُثير إهتمام مافيات العملة التي ستُحاول إمتصاص هذه الدولارات لمعاودة بيعها لاحقًا بسعر أعلى. أما الوضع السياسي المُتأزّم، فله تأثير سلبي مُستمر على قيمة الليرة وبغياب أي أفق إيجابية سيُشكّل هذا الوضع عامل ضغط لرفع سعر صرف الدولار في السوق السوداء.
وعلى صعيد الطلب الداخلي، هناك تآكل للقدرة الشرائية للمواطن اللبناني مما يعني أن الطلب سيكون محدودًا بالأساسيات من دون الكماليات. إلا أن بعض المواطنين الذين يمتلكون دولارات مُخزّنة في منازلهم، قد يعمدون إلى صرف قسم منها لكن تأثيرها على السوق السوداء سيكون محدودًا”.
ويُضيف عجاقة “أن السيناريو الأمثل لانخفاض سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية يكون عبر تزامن ثلاثة عوامل: أجواء سياسية إيجابية، وعدد كبير من المُغتربين اللبنانيين الوافدين، وتشدّد في الرقابة على المضاربين. وفي ظل هذا السيناريو، فإن إحتمال وصول الدولار إلى عتبة الـ ٦٠٠٠ ليرة لبنانية هو أمر مُمكن. إلا أنه، في المقابل، فإن عملية شفط الدولارات من قبل بعض اللاعبين ستكون حاضرة في ظلّ أي سيناريو. من هذا المُنطلق يتوجّب العمل على أن يتم تحريك هذه الدولارات في الماكينة الإقتصادية”.
الجدير ذكره أنّ المُغتربين كانوا يُساهمون بتحاويل مباشرة لذويهم بـ ٧.٩ مليار دولار سنويًا و٦ إلى ٧ مليار دولار أميركي إنفاق في القطاع السياحي اللبناني خلال قضائهم عطلة الأعياد. إلا أن هذه الأرقام تقلصت كثيرًا خلال هذا العام، حيث قدّرها عجاقة على الشكل الآتي: ٢.٥ إلى ٣ مليار دولار أميركي تحاويل عبر شركات التحويل، وإنفاق الوافدين إلى لبنان ٢ مليار دولار أميركي في أحسن الأحوال.
المصدر: موقع mtv