المصرف أسير التخبط، من يعبث بأموال المودعين في لعبة شراء الوقت؟

عن تسريب الخبر ونفيه والأداء المصرفي، توصّف الباحثة في الشؤون القانونية والمصرفية الأستاذة الجامعية سابين الكيك، السياسة النقدية لمصرف لبنان بأنّها أسيرة التخبّط والتسريبات والتكهّنات “إذ تستمر الحاكمية في أسلوبها الشاذ عن المفاهيم النقدية والمصرفية”.

في مقاربة الكيك القانونية تلفت في حديث لـ “لبنان 24” إلى أنّ إدارة الاحتياطات الإلزامية تعتبر من ضمن الوسائل الموضوعة قانوناً بيد المصارف المركزية، للتحكّم في سياستها النقدية والمالية. تُعتبر هذه الوظيفة تحديداً، إلى جانب صلاحيات المركزي في ضبط معدلات الفوائد، من ضمن الأدوات الرئيسيّة للسيطرة على معدلات السيولة النقدية، وعلى قدرة المصارف التسليفية.

تؤكّد الكيك أنّ ما يحكى عن تخفيض مصرف لبنان لمعدّل الاحتياطي الإلزامي لاستخدامه في دعم استيراد السلع الأساسية، لا يمت إلى المنطق بصلة لسببين رئيسيين “الأول أّنّ الواقع القانوني يلزم مصرف لبنان بتحويل الأموال العائدة عن التخفيض، إلى المصارف مباشرةً، ولا يبيح له استخدامها لدعم موارد الدولة من سلع. والثاني أنّ الواقع المالي يؤكّد عدم تطابق الاحتياطي الالزامي الفعلي بالمطلق مع الأرقام المعلنة. فالأزمة الاقتصادية الخانقة كما الأزمة المصرفية الخطيرة تلزم مصرف لبنان بتحرير السيولة الإحتياطية (فيما لو كانت موجودة) في السوق المصرفية، نظراً لقدرة هذا التوجه على المساهمة في امتصاص مخاطر الانكماش الاقتصادي، الذي يزيد من الضغط على المصارف اللبنانية المتعثرة أصلاً، ومنع المصارف من الانزلاق إلى توقّف قانوني عن الدفع، بعدما أخفقت في تسديد التزاماتها تجاه المودعين، كما تجاه المصارف الأجنبية المراسلة لها”.

انطلاقًا من الواقعين القانوني والمالي تسأل الكيك عن حقيقة وجود الاحتياطات الإلزامية النقدية الفعلية في مصرف لبنان، في ظلّ عدم استخدامها للغاية المعدّة لأجلها، وهي بطبيعتها وسادة الآمان لمواجهة ظروف استثنائية كهذه. وعن نسبة سندات الدين الحكومية العائدة للمصارف من مجمل هذا الاحتياطي الإلزامي. كما تتساءل عن جدوى الإبقاء على نسبة 15% احتياطي

إلزامي، في وقت لجأت كلّ المصارف المركزية في العالم بعد أزمة كوفيد-19 إلى تخفيضه لأدنى معدّلاته، تجنّبًا لوقوع مصارفها في أزمات سيولة وتعثّرٍ ائتماني.

عن الإطار القانوني الذي يمنح المركزي صلاحية تحديد الإحتياطي الإلزامي توضح الكيك أنّه “يعود إلى المادة 76 من قانون النقد والتسليف، التي تنصّ على تحديد السقف الأعلى لمعدل الاحتياطي النقدي الإلزامي بـ 25% من المتوسط الأسبوعي لمجموع الإلتزامات تحت الطلب، و15% من المتوسط الأسبوعي لمجموع الإلتزامات لأجلٍ معين. ويمكن للمصرف المركزي أن يعتبر توظيفات المصارف في سندات حكومية كجزءٍ من الإحتياطي حتّى نسبة معينة، يعود له وحده أمر تحديدها. في المادة 76 يضع المشرع على عاتق المصرف المركزي، موجب الابقاء على الانسجام والتوازن بين كلّ من السيولة المصرفية وحجم التسليف من جهة، والمحافظة على قيمة النقد لتأمين أساس نمو اقتصادي واجتماعي دائم من جهة ثانية”.

من هنا، تضيف الكيك “معدلات الاحتياطي الالزامي ليست ثابتة، وهي بطبيعتها متحرّكة بحسب المقتضيات والضرورات والحاجات التي تستدعيها الأوضاع الإقتصادية في البلد. ولأنّ المصارف لا تحبذ عادةً تجميد الإحتياطيات الضرورية فقط، حيث أن أيّ احتياطي نقدي عالي من شأنه تقويض أرباحها. لذلك، تقوم البنوك التجارية بتقليل احتياطاتها قدر المستطاع، عن طريق استبدال ودائعها النقدية بأصول أخرى، تُحتسب من ضمن الإحتياطي الإلزامي، مثل سندات الدين الحكومية”.

توضح الكيك نقطة إضافية، وهي أنّ الإحتياطي الإلزامي المكوّن من مجموع الودائع والمذكور في المادة 76، يختلف عن الإحتياطي القانوني المنصوص عنه في المادة 132 من قانون النقد والتسليف والمحدّد بنسبة ثابتة وهي 10% من أرباح المصرف السنوية الصافية. وتشكّل هذه الأخيرة مع رأس مال المصرف العناصر الأساسية في الأموال الخاصة أو “Noyau dur”، وتنضم إليها احتياطات المخاطر المصرفية العامة ونسب المؤونات، التي تنشئ ما يسمّى بالأموال الخاصة المكمّلة أو المساندة “Noyau mou”.

فضلًا عن المعطى القانوني للإحتياط الإلزامي، وعما إذا كانت مليارات الإحتياطي حقيقة أم وهم، وتأثير استخدامها على ما تبقّى من تحويشة العمر، سيذكر التاريخ أنّهم في العهد القوي، رهنوا كل شيء في لعبة مصالحهم القذرة، رهنوا الشعب وحاضره ومستقبله، واستخدموا كلّ شيء لحماية امبراطوريتهم، بما فيها أموال الشعب، وضحوّا بأروح المئات على مذبح أنانياتهم وطموحاتهم الشخصيّة وولاءاتهم الإقليمية، وليس تفجير مرفأ بيروت وتدمير نصف العاصمة سوى شاهد على اقترافاتهم وخطاياهم.

المصدر: لبنان 24 – نوال الأشقر


عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

إرتفاع بتحديث أسعار المحروقات اليوم ↑

أسعار المحروقات في لبنان اليوم أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للمحروقات لحظة بلحظة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *