“ترامب لن يرحل بهدوء” تصريح لمستشار الأمن القومي السابق في الإدارة الأميركية جون بولتون يحاكي حال ترقّب العال الحذر حيال بعض الخطوات المتخذة من قبل إدارة دونالد ترامب التي تشي بتصعيدٍ محتمل في فترة الشهرين المقبلين. بالتوازي يلتقي رأس الديبلوماسيّة الأميركية مايك بومبيو الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، في جولة أورو – شرق أوسطيّة تشمل، بعد فرنسا، تركيا وجورجيا وإسرائيل فالإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربيّة السعوديّة، علماً بأن قادة تلك الدول تقدّموا بالتهنئة من الرئيس المنتخب جو بايدن.
للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية كذلك حصة من زيارة بومبيو بعد تجنب هكذا خطوة من قبل أسلافه، على وقع تأهّب اسرائيلي شمالاً تبدّى في مناورة “السهم القاتل” ودخول دبابة اسرائيلية الأراضي اللبنانية على اثرها، وصولاً الى تحليق الطيران الحربي الاسرائيلي المكثف فوق لبنان. فهل يستدرك بنيامين نتنياهو الضربة القوية المتمثلة بخسارة ترامب، وفقاً للكاتب في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية سيما كدمون، بضربة قوية استباقية على الأراضي اللبنانية؟
“لا مصلحة لإسرائيل إطلاقاً في الإقدام على هكذا خطوة”، يجيب رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة العميد الركن المتقاعد الدكتور هشام جابر، “كونها ستدمَّر بشكل كبير من جراء آلاف الصواريخ بر-بر وبر-بحر التي ستنطلق من جنوب لبنان، مهددة منشآت اسرائيل النفطية والغازية ما يعيدها حوالي العشرة أعوام الى الوراء”.
فالحرب على لبنان لن تقتصر على الجبهة اللبنانية الجنوبية، بل ستمتد لتشمل الجبهة السورية فتورط الدولة السورية، وهنا لا بد من السؤال عن موقف الروس. “والخطر ينسحب على ميناء حيفا مع وجود نيترات الأمونيوم، وعلى الجليل الأعلى حيث ملايين المستوطنين المهددين بالعمليات البرية على حد تعبير جابر. “الا أن ما تقدم لا ينفي مصلحة نتنياهو في هذا الأمر، هروباً من أزماته السياسية والقضائية الكثيرة في الداخل”.
“لكن لا يستطيع نتنياهو رغم تهوّره التفرّد في هكذا قرارات تتخذ على صعيد المؤسسات” يوضح الصحافي والكاتب السياسي سام منسى، عطفاً على وجود حكومة ائتلافية في اسرائيل تخرج فيها وزارتا الدفاع والخارجية عن دائرة نفوذه. على ذلك “تختلف الضربة على لبنان اليوم عما كانت عليه عام 2006، فهي أمست حتماً مكلفة ومن مصلحة اسرائيل تجنّبها في هذه المرحلة”؛ حيث أنها لا تقدم على حرب الا اذا شعرت بخطر حقيقي يتهدد أمنها، وبضوء أخضر أميركي يتخطى صلاحيات الرئيس فيخضع لقرار المؤسسات الأميركية، ما ليس مرجحاً الآن.
وعما اذا كانت الضربة الإسرائيلية المحتملة تدرج في اطار ليّ الذراع اللبنانيّة في مفاوضات ترسيم الحدود، يشرح الكاتب السياسي سام منسى أن هذه الخطوة ستعني حتماً انتهاء المفاوضات ورغبة في تغيير المعادلات السياسية القائمة في لبنان والمنطقة، اما اسرائيل فليست في هذا الوارد اليوم. كما يربط الدكتور هشام جابر تقوية الشروط التفاوضية الإسرائيلية بالضغوط الأميركيّة بعيداً من الإحتمال العسكري.
مع ذلك، مؤشرات عدة توحي بإمكانية اقدام الولايات المتحدة على عمل أمني بدءاً من التغييرات في وزارة الدفاع الأميركية، غير أنّ منسى يضعها في خانة الأجواء المتعمدة اشاعتها، والتي تبقى في إطار التهويل وفقاً لجابر لأن “الجنود والمصالح الأميركية في المنطقة ستصبح جميعها عرضة للخطر”.
ختاماً، يتفق جابر ومنسى على أن سيناريو الحرب يبقى ممكناً، لكن بنسبة ضئيلة جداً. قد يكون مجدياً هنا التحقق من خلفية تصريح القائم بأعمال وزارة الدفاع الأميركية كريستوفر ميلر -القليل الخبرة، وفق بولتون، والذي عيّن على اثر اقالة مارك اسبر- بأنّه “حان وقت عودة الجنود الأميركيين الى ديارهم”، وما اذا عبّر عن رغبة أميركيّة فعلية بالانسحاب من المنطقة أم عن حرص على سلامتهم من عمل عسكري مرتقب.
المصدر: موقع mtv – رامي نصار