تبلغ الكلفة الشهرية للرواتب والاجور للعاملين في القطاع العام 291 مليار ليرة شهرياً، ويشكل العسكريون القسم الاكبر من موظفي القطاع العام، ويبلغ عددهم 100 الف في الاجهزة العسكرية والامنية، يستحوذون على 50 في المئة من اجمالي الرواتب والاجور.
اما موظفو المدارس الرسمية فيبلغ عددهم 40 الفاً، وموظفو الادارات والمؤسسات العامة 37 الفاً، و15 الفاً في البلديات و20 الفاً اجراء ومتعاملون و8 آلاف استاذ واداري في الجامعة اللبنانية. ويقدّر عدد المتقاعدين بنحو 50 الفاً بين مدني وعسكري.
بين راتب الشهر هذا، وسلسلة الرواتب ككل، فإن تفاؤل الموظفين بقبض رواتبهم يبقى لزوم المحافظة على هدوء النفس لا أكثر. فلا تناغم بين الواقع المدمر، ولا وحال التفاؤل هذه.
لا يقتصر الامر على الراتب فقط، انما الذي يؤرق الموظفين يتعلق بالضمان الصحي، كانوا مطمئنين إلى أن خدمتهم في القطاع العام تضمن لهم الاستشفاء في إطار تعاونية موظفي الدولة. إلا أن غالبية المستشفيات المتعاقدة مع الدولة ترفض استقبال المرضى الذين تشملهم خدمات التعاونية والضمان الاجتماعي.
فمع قرار التعبئة العامة، وإقفال الإدارات وتراجع الأعمال في القطاع الخاص بشكل عام”، الإيرادات تتراجع، إلا ان المؤسسات الأساسية التي تتموّل منها الدولة لا تقوم بواجبها كاملاً، تعتمد فقط على الإيرادات من الضريبة على القيمة المضافة وبعض القطاعات مثل الإتصالات والجمارك وغيرها. ومع تباطؤ التدفقات المالية الخارجية إلى لبنان، اضطُرّ مصرف لبنان إلى بذل جهود يائسة وباهظة التكلفة للغاية من أجل استقطابها. ومع مرور الوقت، أدّت الزيادة الكبيرة في الدين، بصورة محتومة، إلى ارتفاع متزايد في مجال خدمته. كما جعلت الاحتياجات التمويلية السنوية الضخمة البلاد عرضة إلى التأثُّر بالصدمات الخارجية والإقليمية.
تغييب الإصلاحات الجوهرية، واستمرار العجز في الموازنة يُجبر الدولة على طلب التمويل من مصرف لبنان لتأمين حاجاتها عبر سِلَف الخزينة.
إلّا أن هذه السِلَف أصبحت مرفوضة من البرلمان الذي قرر وضع حدّ للصرف العشوائي غير المقونن. اضافةً الى التهديد برفع الدعم، لعدم توفر السيولة، فطباعة العملة اتتّ كارثية على الإقتصاد، نظراً لما سببته من تضخّم وخسائر في القوة الشرائية. والمصارف عاجزة عن التدخّل الإنقاذي.
بِطالة أطبقت على نصف اللبنانيين وخزينة الدولة فارغة والبلد مفلس بينما صرفت المليارات على شراء سيارات وعقارات وأرصدة لمسؤولي الدولة وبذخ وهدر وتبذير للأموال لم يشهد له التاريخ مثيلاً. وسمح بانتشار ثقافة الفساد والهدر. وقد عاشت البلاد، وفي مقدّمتها القطاع العام، بقدرات تتجاوز إمكاناتها. وبعد مرور عقود على اعتماد هذا النموذج، كانت النتيجة اقتصاداً شديد المديونية، وقطاع مصرفي منتفخ وهش.
المصدر: الكلمة أونلاين – شادي هيلانة