إختلفت الآراء في لبنان حول مدى تأثير العقوبات الأميركية على الوزير السابق جبران باسيل، فأعتبر البعض، وهم مقرّبون من رئيس “التيار الوطني الحر”، أن الضربة التي لا تميت تقوّي الشخص المقصود، وهذا ما حاول باسيل قوله في مؤتمره الصحافي يوم الأحد، إذ تبيّن من خلال أقواله أن لا دليل حسّيًا لدى الإدارة الأميركية حول إمكانية تورطه في أعمال فساد، وهو شنّ حملة مضادة على هذه الإدارة، إذ تحدّث عن توجه عدد من المحامين في القريب العاجل إلى رفع هذا الأمر أمام القضاء الأميركي لتبيان الحقيقة كاملة ولإظهار براءته من التهم الملفقة له.
أمّا الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم محايدين، إذ أنهم غير مؤيدين لسياسة “التيار الوطني الحر” ولكن لا يمكن أن يعدّوا من الخصوم، فيرون في المؤتمر الصحافي لباسيل بعض الهفوات حين تحدّث أكثر من مرّة عن أنه لن يدخل في تفاصيل بعض الأمور، وبالأخص في ما يتعلق بما عرضه عليه الأميركيون لقاء فك إرتباطه بـ”حزب الله”، مفضّلًا تأجيل هذا الأمر إلى وقت آخر قد لا يكون متاحًا، وفق نظرة هؤلاء، الذين لم يقتنعوا كليًا ببراءة باسيل، الذي لم يوفّق كثيرًا في الدفاع عن نفسه، إذ لا يكفي للشخص أن يقول إنه غير متورط في أي عمل يمكن أن تُشتمّ منه رائحة فساد، بل يتطلب الأمر إثباتات على صحة ما يقوله.
أمّا خصوم باسيل، وهم من مؤيدي “القوات اللبنانية” فلاذوا بالصمت تمامًا كما حاذر اي نائب أو اي قيادي قواتي، وبطلب مباشر من معراب، في الدخول في متاهات هذه القضية حتى يُبان الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وذلك نظرًا إلى حساسية هذا الموضوع وما يمكن أن يحدثه من شرخ على مستوى قواعد كل من الفريقين المجيشين أصلًا. وقد إرتأت قيادة “القوات” عدم الدخول في أي سجال من أي نوع، لا سلبًا ولا إيجابًا، مفضّلة التريث في الوقت الراهن ومراقبة مجريات الأمور ومدى تفاعلها مرحليًا، سواء في الداخل اللبناني أو على المستوى الخارجي.
أمّا في ما يتعلق بالمتحمسين في الدفاع عن باسيل وإعتباره فوق الشبهات فقد آثروا إلتزام مبدأ “أنصر أخاك ظالمًا كان أم مظلومًا” فكم بالحري إذا كان الشخص المقصود مظلومًا، معتبرين أن هذه الإتهامات على رغم عدم صدقيتها قد حررّت باسيل من أي إعتبارات خارجية، وهو “يُعاقب” لأنه لم يستسلم للضغوطات الأميركية بالعمل ضد فريق لبناني، أي “حزب الله”، ومنع حصول فتنة شيعية – سنية كما يفعل غيره، الذين يحاولون صبّ الزيت على النار، مع الأخذ في الإعتبار أن الترابط العضوي بين “التيار الوطني الحر” وبين “حزب الله” سيأخذ مداه الأقصى في اللعبة الداخلية من خلال إبراز دور اصلب للأكثرية النيابية في أي عمل، تشريعيًا كان أم تنفيذيًا.
ويرى هؤلاء في كلمة السفيرة الأميركية في لبنان دروثي شيا الكثير من الهفوات والأدلة الناقصة، ويعتبرون أن ما قالته يصبّ في مصلحة باسيل من دون أن تقصد ذلك، لأنها لم تتكلم عن أدلة دامغة تثبت وتؤكد تورط باسيل بالفساد.