المصدر: International Scopes – سكوبات عالمية | شادي هيلانة
شهد لبنان، الدولة التي لا يزيد عدد سكانها كثيراً عن 4 ملايين نسمة، تدفق أكثر من مليون ونصف لاجئ سوري، في ظل تحول الانتفاضة التي اندلعت ضد الرئيس السوري بشار الأسد إلى حرب أهلية عنيفة على نحو متنامي.
وأصبح الكثير من اللبنانيين، الفقراء أصلاً، يعانون من تدهور سريع في وضعهم المالي.
فقد أدى تدفق اللاجئين، بشكل عام، إلى زيادة العمالة المتوفرة بنسبة تتراوح ما بين 35 إلى 50 بالمائة، وفقاً لتقرير البنك الدولي.
وفي ظل الركود الاقتصادي، يقود هذا الوضع أصحاب العمل إلى طلب المزيد من العمل مقابل أجر أقل- الأمر الذي تسبب في التخلي عن العمال المحليين لصالح استخدام اللاجئين الذين يقبلون بأجور أقل.
أدى التدفق الهائل إلى عجز أنظمة الخدمات عن مواكبة الطلب المتنامي عليها.
فقد كانت الدولة تعاني بالفعل من نقص حاد في الكهرباء، حيث وصل متوسط توفير الكهرباء في فترة ما قبل الأزمة إلى 18 ساعة في اليوم، وقد انخفضتّ إلى 12 ساعة في اليوم نظراً لزيادة الطلب من قبل اللاجئين.
فإن حجم الأزمة في ظل استضافة لبنان للاجئين سوريين أكثر من أي دولة أخرى يعني أنه ليس بمقدور الحكومة اللبنانية أن تفعل الكثير بمفردها.
حمّل الرئيس السوري بشار الاسد لبنان مسؤولية الاعباء الاقتصادية التي تعاني منها سوريا، معتبراً انّ “الأعباء الاقتصادية الحالية ليس سببها قانون قيصر، الأزمة الحالية بدأت قبله بعد الحصار بسنوات”. وقال: “هي المصاري اللي راحت في البنوك اللبنانية”.
ربما تناسى الرئيس بشار الاسد، او غضّ النظر عن انهيار اقتصاد بلاده بدأت خلال عهد والده الراحل حافظ الاسد، بدايةً من النهب المنظّم، وصولاً الى قطع خط النفط العراقي الذي كان يدر الكثير على الاقتصاد السوري، وقد أوقفه والد الرئيس بشار المتناسي الذي اتى دعماً لإيران، وكذلك توقف المساعدات العربية لجيشه في لبنان بعد أن حل مكان ما يسمى “قوات الردع العربية في لبنان” وكان الخليجيون يدفعون مقابل ذلك، فضلاً عن دعم مالي لدول الطوق!
عمد النظام لحل أزمته من خلال غض الطرف عن التهريب من لبنان، وهذا أمر كان تحت سلطة كبار الضباط وأبناء الأسد وأقربائهم وبرز عند ذلك مصطلح الشبيحة على المهربين، تهريب أنتج القطط السمان، وأنهك الاقتصاد المنهك أصلاً، وجعل الشعب في دوامة البحث عن أساسيات الحياة!
وفي عام 1990 كانت انفراجة الاقتصاد السوري من خلال السماح للتجار بالاستيراد، وقد بدأ التغيير “القسري” بعد أن بدا أن انهيار الاتحاد السوفييتي ومنظومته الاقتصادية مسألة وقت، وبات في حاجة لمن يمد له يد العون، هنا ظهر المرسوم رقم عشرة أو ما يُعرف بقانون الاستثمار، وهو أول تغيير ملموس في بنية الاقتصاد الموجه ليكون إلى جانبه الخاص والمشترك، تغيير رأى فيه مراقبون أنّه كان يهدف
الى غسل الأموال المنهوبة، والتي تكون قسم كبير منها من التهريب.
الى ان جاءت الثورة السورية كسياق طبيعي لتراكم المشكلات الاقتصادية فضلاً عن الاستبداد والقبضة الأمنية والتوزيع غير العادل للثروة،
استهلك النظام الأموال في الحرب ضد الشعب السوري، وقد بدت آثار ذلك على الاقتصاد السوري، لا سيما بعد خروج مناطق النفط عن سيطرته، وكذلك العقوبات التي طالته نتيجة الإمعان بقتل الشعب السوري، وتوقف غالبية المنافذ الحدودية عن العمل، ولحل تلك المعضلة الاقتصادية فقد دخلت إيران داعمة له في حربه ضد الشعب السوري، وقدمت وما زالت دعماً كبيراً لآلة القتل، وقد تم تقديم المساعدات الاقتصادية الإيرانية منذ بدء الثورة السورية للنظام الحاكم على شكل قروض حيث قدمت في 2012 قرضا بمليار دولار، ثم قدمت في العام 2013 قرضا بـ 3,6 مليار دولار، أمّا ما يقدم بالخفاء من دعم اقتصادي لآلة الحرب ضد الشعب السوري، والدعم المالي للمليشيات الطائفية فتبقى الأرقام قيد التكهنات!
كذلك قام النظام بتوقيع اتفاقات اقتصادية مع إيران وروسيا تجعل من سورية بلداً مديناً لعشرات السنوات، وقد طبع كميات ضخمة من العملة السورية في موسكو بعد توقف طبع العملة السورية في النمسا بسبب العقوبات المفروضة على النظام ما أدى لتضخم هائل فيها حيث وصل سعر الليرة مقابل الدولار من 45 ليرة قبيل الثورة إلى 540 ليرة أمام الدولار!
فالرئيس السوري يحملنا العنزة التي طارت منه، لعله يبرر وجوده في السلطة التي لم تنتزع منه، نذكره بالاموال المهربة التي تخصّ ضباطاً كباراً ورجالات يحاطون برأس النظام، المودعة في بنوك سويسرا والامارات وروسيا، والشعب السوري لا يجد لقمة تسدّّ جوعه.
لن تفلح محاولتك ايها الاسد بتوسيع الهوة بين الشعبين الشقيقين وزرع المزيد من الشرخ والكره فلُبنان ما زال بوابة لكي تتجرع الاوكسيجين وتبقى على قيد الحياة.