سف البيان الذي أصدره مكتب الرئيس المكّلف سعد الحريري بعد لقائه الرابع برئيس الجمهورية بعد تكليفه كل التسريبات الصحافية التي كانت توحي بقرب إعلان التشكيلة الحكومية، مشدّدًا على أن لا أحد مطلع على أجواء التأليف سوى شخصين، وهما المعنيان فقط بهذه العملية وهما رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، اللذان يحرصان على أن تبقى محادثاتهما طي الكتمان، مسجلًا نقطة وحيدة، وهي إحراز تقدّم في عملية التأليف، مما يعني أن صدور مراسيم التأليف لم تصل إلى خواتيمها بعد، وأن المحادثات لا تزال تصّب على تذليل ما تبقّى من عقد.
والبيان الذي أصدره مكتب الحريري جاء على أثر إعتراض الصحافيين على عدم تزويدهم المعلومات الكافية، التي هي من حقّهم، خصوصًا أنهم الجهة الوحيدة بين السلطة والشعب المخوّلة تقديم المعلومات في شكل صحيح من دون اللجوء إلى مطابخ التسريبات غير المرغوب بها، مع العلم أن الشفافية تفرض على الجميع التعامل مع موضوع التأليف في شكل لا يتنافى مع قانون الحصول على المعلومات، وبالتالي قيام الإعلام بدوره لجهة إطلاع الناس على حقيقة الأمر من دون زيادة أو نقصان.
يُذكر أنه في الدول التي تحترم نفسها وشعبها فإنه من البديهي والطبيعي أن تكون عملية تأليف الحكومات أمرًا طبيعيًا، ويجب بالتالي ألا تستغرق هذه العملية وقتًا طويلًا إلا إذا كان وراء الأكمة ما وراءها من قضايا مثيرة للجدل، وهذا الأمر غير متوافر في لبنان، وقد حدث الأمر نفسه في العراق وفي بعض الدول التي لا تزال بعيدة كل البعد عن الممارسة الصحيحة للديمقراطية.
ما هو بديهي أن تتشكل الحكومات من دون أي خلفيات وبسرعة ومن دون عوائق، وغير ذلك فهو لا يمت إلى الحياة الديمقراطية بصلة لا من قريب ولا من بعيد.
وكان الحري على جميع المعنيين بعملية التأليف أن تنصب جهودهم ليس على التأليف بعد التكليف بل على ما بعد التأليف، وعلى الخطة التي ستعتمدها الحكومة لترجمة المبادرة الفرنسية على الأرض من خلال المشاريع الإصلاحية، التي يجب القيام بها من دون إبطاء أو تسويف أو مماطلة، وبذل جهود مضاعفة للتعويض عمّا فات لبنان من تضييع للوقت والفرص، وهو لم يعد قادرًا على تحمّل المزيد من الأعباء والمشاكل المتراكمة، التي ترهق كاهله وتجعله في أسفل سلّم الاولويات المفترض أن تكون هاجس الجميع من دون إستثناء.
ما يهم المواطن المنتفض على الواقع والمنتظر بفارغ الصبر والإيمان أن تحاكي المشاريع المنوي تنفيذها، إذا سارت أمور التأليف على خير، وجعه الذي طال، وأن تزيل عن صدره هذا الكابوس الذي يبدو أن لا نهاية له في القريب العاجل.
فمسألة التأليف وكواليسها وأسرارها لا تعنيه ولا تعني له أي شيء. ما يعنيه هو أن يرى تنفيذًا للشعارات الكثيرة، التي بقيت حبرًا على ورق ولم تصل إلى الحقيقة.
المصدر: لبنان 24