يبقى مصير توفّر المحروقات والمعدات الطبية محلّياً مجهولاً، حيث لا تزال مفاعيل قرار مصرف لبنان القاضي بإلزام التجار تسديد النسبة المطلوبة منهم بالليرة نقداً Banknotes لتأمين العملات الأجنبية اللازمة لعملية الاستيراد مدار أخذ وردّ. فماذا عن تأثير القرار هذا على استيراد المواد الغذائية؟
نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي شرح لـ “المركزية” أن “الآلية الخاصّة بدعم المواد الغذائية تنصّ على تأمين 100% من قيمة الاعتمادات نقداً وبالليرة اللبنانية على أساس سعر صرف 3900 ليرة، وتُطبق منذ إعلان وزارة الاقتصاد والتجارة عن قرار السلة الغذائية. لذا، عمليّاً تعميم مصرف لبنان حول تأمين السيولة نقداً لم يؤثّر علينا”.
إلا أن ذلك لا يعني أن ما من تداعيات في المقابل، حيث لفت بحصلي إلى أنها متمثّلة “بالارتفاع المرتقب في الطلب على السيولة، لأن المستوردين غير المستفيدين من الدعم، ونسبتهم 80%، يؤمنون المبالغ النقدية بالليرة مقابل الحصول على العملة الصعبة من السوق السوداء، وأصبح المستوردون في القطاعات الأخرى مضطرين أيضاً لاستيفاء فواتيرهم نقداً. إلى ذلك، نرى تناقضاً في القرارات حيث في المقابل وضعت قيود على سحوبات المصارف من الحسابات الجارية لدى مصرف لبنان، بالتالي أُغلقت الأبواب من كلّ الجهات. من هنا، صحيح أن تجار المواد الغذائية كانوا أساساً يؤمنون المبالغ نقداً، إلا أن ذلك كان ممكناً، واليوم نتخوّف من عدم القدرة على تأمينها لا من السوق ولا من المصارف”.
وعن إمكانية أن يؤدّي ذلك إلى نقص في بعض المواد، أوضح بحصلي “أننا لم نصل إلى هذه المرحلة بعد، إلا أن هناك جدلا قائما ما بين المستوردين والسوبرماركت والمصارف التجارية لأن مصرف لبنان يفيد بأن لا قيود على السحوبات التجارية، لكن هذا لا يحصل في الواقع، والشروط تختلف بين مصرف وآخر، هذا الأمر أدّى إلى بلبلة وخلق عدم ثقة لدى التجار المترددين من إيداع أموالهم في المصارف أو القبول بالشيكات”.
وختم دخلنا في حلقة مفرغة، فإذا أراد مصرف لبنان من خلف هذا القرار امتصاص الكتلة النقدية من السوق يمكن أن يكون خلق ردّة فعل عكسية. وفي نهاية المطاف، إن لم نحصل على السيولة لن يكون الاستيراد ممكناً. هذا الأمر إن دل الى شيء فالى عمق الأزمة التي نعيشها والفوضى في النظام حيث كلّما حاول المسؤولون التصليح من مكان يخلقون فجوةً في آخر، ولو كان هناك حل سياسي لما حصل كلّ ذلك”.