تحت عنوان هل أنهى تكليف الحريري الثورة؟، كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”: في مثل هذه الأيام من العام الفائت، كان الرئيس سعد الحريري يراقب من شرفات السراي الحكومي تنامي حركة الشارع الذي إجتاحته ثورة شعبية عارمة على قرارات إتخذتها حكومته بفرض ستة دولارات على تطبيق الواتساب، ويستعد بالتالي لاستقالة جاءت بعد خمسة أيام أي في 29 تشرين الأول وقلبت الطاولة السياسية، وضربت تسوية عام 2016 التي جاءت بالعماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية في الصميم، وأنهت ″شهر العسل″ الذي كان قائما بين الحريري وجبران باسيل والذي ترجم في أكثر من محطة تعاونا الى حدود التماهي بين الرجلين في التطلعات والأهداف الأمر الذي أثار حفيظة حلفاء الحريري من القوات اللبنانية الى الحزب الاشتراكي.
إستقال الحريري تحت ضغط الشارع، وأكملت الثورة مشوارها على جناح إنجازها الأول الذي أدى الى الاطاحة بالحكومة التي فرضت الدولارات الستة على الشعب الفقير، والذي كان أيضا الانجاز الأخير لها، حيث شهدت الساحة اللبنانية سباقا بين الثورة التي إخترقتها الأحزاب والتيارات السياسية من المستقبل الى القوات الى الوطني الحر الذي أصيب بـ”انفصام” التظاهر ضد السلطة ومؤسسات الدولة، وبين تسمية حسان دياب الشخصية “التكنوقراطية” المكلف بتشكيل حكومة من المستقلين الاختصاصيين.
نجحت التيارات السياسية في تقويض الثورة، وتفريقها الى مجموعات، وضرب بنيتها التي لم تكن بالأساس صلبة، حيث لم تنجح في فرز أي إطار أو هيئة أو قيادة للمساهمة في حمايتها وتأمين إستمراريتها وإستكمال مشروعها التغييري، بينما كان المعنيون في الوقت نفسه يجهزون أقنعة التكنوقراط لوزراء حكومة حسان دياب من المستشارين والمحسوبين على الأحزاب والقوى السياسية، والتي فرضت نفسها على الثورة ونالت ثقة هزيلة في جلسة تم تهريبها الى مجلس النواب بغطاء من القوى العسكرية والأمنية.
في غضون ذلك، كان الدولار يشق طريقه صعودا، والمؤسسات الاقتصادية والتجارية تقفل أبوابها، والبطالة تتنامى والفقر يتوحش، والجوع يطرق الأبواب، وكورونا يفتك بالأجساد اللبنانية، ما دفع بعض مجموعات الثورة الى منح حكومة حسان دياب فرصة المئة يوم، ما أدى الى إنقسام الشارع بين مؤيد ومعارض، والى تحول الثورة “لمن يهمه الأمر”، ولبعض الموتورين الذين حاولوا ركوب الموجات وتحقيق بعض المكاسب على ظهر الثوار.