“خفض”سعر الصرف: هدية سلامة لرئيس “المستقبل”

بعد طبع آلاف مليارات الليرات خلال السنة الماضية، يريد رياض سلامة اليوم استعادة هذه المليارات. في الخطوة الأولى تسبّب في رفع سعر الصرف وزيادة التضخم، وفي الخطوة الثانية يتسبّب في تخفيض الاستهلاك. بعيداً عن أضرار خيار كهذا، إلا أنه يؤدي إلى تخفيض سعر الصرف. تلك هدية أولى إلى سعد الحريري.

اقتصاد «الكاش» بدأ يأخذ أشكالاً أكثر استقراراً. حتى بعد عودة بعض المصارف عن قرار تخفيض قيمة السحوبات النقدية بالليرة، لم يتراجع التجار عن وضع ضوابط على استعمال البطاقات المصرفية. يدرك الجميع أن تقنين السيولة سيستمر بأشكال متعددة؛ فمعدّل السحوبات لن يعود كما كان، بحسب أكثر من مصدر مصرفي. معظم الصيدليات ومحطات البنزين والمحال التجارية لم يعد يقبل القبض بالبطاقة المصرفية. المطلوب «كاش» فقط. من يُسأل يقول إنه مضطر إلى ذلك، لأن الموزّع لم يعد يتقاضى سوى النقد… لا شيكات ولا بطاقات أو تحويلات مصرفية. فالمستورد عندما يفتح اعتماداً صار ملزماً، بحسب تعميم مصرف لبنان الرقم 573، بتسديد المبالغ الواجبة عليه للمصرف بالليرة اللبنانية نقداً، إذا كان يريد أن يحصل على اعتماد على أساس سعر ١٥١٥ ليرة للدولار.

لكن هذا القرار لا يمكن تطبيقه على جميع المستوردين. لهذا السبب، أقفلت منشآت النفط في طرابلس والزهراني أبوابها أمام عملائها الذين يصل عددهم إلى ٢٥٠ شركة. المنشآت التابعة لمديرية النفط في وزارة الطاقة هي أيضاً مطالبة بتأمين المال نقداً للحصول من مصرف لبنان على اعتمادات بالدولار وفق سعر ١٥١٥ ليرة للدولار الواحد. لكن المنشآت لم يسبق أن تعاملت بالنقد. آلية عملها تعتمد على الحصول على شيكات أو تحويلات مصرفية إلى حسابها في مصرف لبنان. وحتى إذا قررت القبض نقداً، فهي لا تملك القدرة التقنية على ذلك. تسلم كميات كبيرة من النقود يحتاج إلى نظام عمل مختلف: معتمدو قبض، آلية لتعقب مصادر الأموال إذا تبين أنها كانت مزورة، نظام تخزين وحماية للنقود المتوفرة، بإضافة إلى آلية نقل خاصة إلى المصرف المركزي. والأهم أن المنشآت، بصفتها تابعة لإدارة رسمية، هي بخلاف الشركات الخاصة، لا يمكنها أن تفتح حسابات مصرفية في المصارف التجارية.

بعد مرور أسبوع لا تزال المنشآت عاجزة عن تسليم المازوت، لكن مصرف لبنان لن يستثني أحداً من آليته الجديدة. ولذلك تم الاتفاق مع المنشآت، أول من أمس، على أن يعمد «المركزي» إلى فتح حسابات لصالحها في مصارف يختارها (اقترحت المنشآت عدداً من المصارف ذات الانتشار الواسع)، مع الإيعاز للمصارف بأن لا تقبل في هذه الحسابات إلا الـ«كاش». وبذلك، تصبح الآلية على الشكل التالي: تتأكد الشركة المعنية من وجود حصتها في المنشآت. ثم تذهب إلى المصرف لإيداع المبلغ المطلوب، على أن تتسلّم وصلاً بذلك. ينتقل سائقوها إلى المنشآت في طرابلس أو الزهراني للحصول على البضاعة المطلوبة، بعد أن يتأكد الموظف من أن المبلغ المشار إليه في الوصل دخل في الحساب فعلاً.

نظرياً، هذه الآلية الجديدة التي تطبّق على كل المستوردين، ستكون بحاجة إلى تناقل الكاش بكميات كبيرة. لكن بحسب مصدر مطلع، فإن الأمور بدأت تنتظم. معظم سلسلة الاستهلاك والإمداد فتحت أو ستفتح حسابات خاصة بالسيولة النقدية أسوة بالدولار. وعليه، فإن المحطة، على سبيل المثال، ستقبض من زبونها النقود وتضعها في حسابها النقدي، على أن تحوّل من هذا الحساب إلى الموزّع الذي بدوره يحوّل الأموال من حسابه النقدي إلى الحساب النقدي للمستورد، ومنه إلى مصرف لبنان. وبذلك، سيكون طبيعياً أن تفتح كل شركة أربعة حسابات: حساب بالدولار النقدي، حساب بالدولار المصرفي، حساب بالليرة المصرفية وحساب بالليرة النقدية!

بهذه الإجراءات الموجّهة إلى كل من يستفيد من دعم سعر صرف الدولار، إن كان من مستوردي الأدوية أو المحروقات أو المواد الغذائية، يكون مصرف لبنان قد انتقل إلى مرحلة تجفيف الكاش من السوق. وهذه خطوة، بدت، بحسب متابعين، بديلاً من قرار ترشيد الدعم الذي يرفض كل الأطراف تحمّل مسؤوليته، خاصة أنها تؤدي إلى تخفيف نزيف الدولارات المتبقية. رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب كان واضحاً خلال لقائه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة منذ نحو أسبوعين، بإشارته إلى أن الحكومة لن تتخذ أي قرار يتعلق بتخفيض الدعم. وفي المقابل، كان سلامة قد أكد لكل من راجعه أنه لا يحتمل اتخاذ قرار كهذا منفرداً، مؤكداً أن مسألة الدعم من عدمه هي سياسة حكومية، متى أقرّت يعمل على تنفيذها. في النتيجة، لم يحصل أي تطور في ما يتعلق برفع الدعم منذ أسابيع. جرى النقاش في السيناريوات المحتملة لمرحلة ما بعد تخفيف الدعم. أبدت وزارة الطاقة، على ما يقول الوزير ريمون غجر، استعدادها للسير بأي قرار حكومي، ولذلك قدّم للمعنيين تصور الوزارة للأسعار بحسب كل سيناريو مطروح.

قبل الخوض في عملية تجفيف السوق من النقود، كان مصرف لبنان قد بدأ بتقنين فتح الاعتمادات للمستوردين، بما أدى إلى شح في بعض السلع، ولا سيما المحروقات، لكن من دون أن تُفقد من السوق.

هذا التقنين لم يؤثر عملياً على الاستهلاك، لأن الاقتصاد منكمش في الأساس. بدلاً من ١٣ مليون ليتر من البنزين ومثلها من المازوت تباع يومياً، انخفض البيع إلى ١٠ ملايين ليتر يومياً. بعد التعميم المتعلّق بإلزام المستوردين بتأمين الليرات النقدية، صار انكماش الاستهلاك سياسة رسمية. شحّ السيولة لدى الناس، يؤدي تلقائياً إلى تخفيض معدّل الاستهلاك. وهذا ما يدفع بالتاجر إلى تخفيف الاستيراد، وبالتالي تخفيف الطلب على الدولار وانخفاض سعره. كل ذلك يقود إلى التأكيد أن رياض سلامة قادر، لو أراد، على ضبط سعر الصرف. لكنه في صراعه مع حسان دياب لم يتردد في تعميق الأزمة. ولم يتردّد في ضخ ١.٣ تريليون ليرة شهرياً في الاقتصاد، ما أدى إلى تضخم كبير، وارتفاع متسارع في سعر الدولار. لكن أما وقد وجد أن الحريري قد يكلَّف بتأليف الحكومة، فلم يتوان عن تقديم هدية أولى له. يكلَّف الحريري على وقع تهدئة الطلب على الدولار، ما يسهم في خفض سعر الصرف.

المصدر: الأخبار


عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

أسعار المحروقات اليوم ↑↓

أسعار المحروقات في لبنان اليوم أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للمحروقات لحظة بلحظة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *