كتب غسان ريفي في صحيفة “سفير الشمال” تحت عنوان “خطاب نوعي لرئيس الجمهورية اليوم.. تهدئة أو تصعيد لتعطيل التكليف؟”: “حتى ساعة متأخرة من ليل أمس،كان من الصعب رسم تصور لمضمون خطاب رئيس الجمهورية ميشال عون والذي سيوجهه عند الساعة الثانية عشرة من ظهر اليوم الى اللبنانيين، في وقت رُسمت فيه علامات إستفهام عدة، حول ماهية الخطاب وتوقيته والهدف منه، وتأثيره على الاستشارات النيابية الملزمة، وإنعكاسه على تكليف الرئيس سعد الحريري برئاسة الحكومة.
في كل الأحوال، تجد مصادر سياسية مطلعة أن الرئيس عون لم يكن ليختار هذا التوقيت بالذات أي قبل ساعات قليلة من موعد الاستشارات النيابية، لو لم يكن لديه موقف هام ومفصلي ليطلقه، من هنا جاءت بعض التحليلات والتغريدات الصحافية لتبني على خطاب الرئيس كثيرا من المعطيات ولتؤكد أنه سيكون خطابا نوعيا يرسم ملامح المرحلة المقبلة.
لا تستقر هذه المصادر على رأي واحد حيال مضمون خطاب الرئيس عون وتأثيراته، حيث ترى بعضها أن عون قد يطلق مبادرة تساهم في إنزال سعد الحريري وجبران باسيل عن الشجرة وفي التخفيف من حدة موقفيهما إنطلاقا من كونه “بيّ الكل” الذي يمون على الجميع، الأمر الذي يعمم أجواء من الايجابية من شأنها أن تمرر التكليف وتسهل عملية التأليف، وتنقذ ما تبقى من عهد ميشال عون الذي أمضى ثلثيّ الولاية وهو يتخبط في أسوأ أنواع الأزمات التي شهدها لبنان وصولا الى التهديد بالمجاعة.
وترى مصادر أخرى، أن من يعرف ميشال عون يدرك تماما أنه غير قابل للكسر، ولا يقبل بخسارة تياره السياسي، لذلك فإنه قد يلجأ الى شن هجوم عنيف يتخلله إتهامات بالجملة على سعد الحريري يعطل بموجبه الاستشارات بشكل تلقائي، أو أن يلجأ الى مصارحة اللبنانيين بأن لا توافق وطني على تسمية الحريري بإحجام المكونين المسيحيين الأكبر عن تسميته ويعلن تأجيل الاستشارات الى حين أن يجد الحريري صيغة للتفاهم مع جبران باسيل، وهو أمر ترى فيه المصادر مخاطرة كبرى بالعهد والبلد، خصوصا أن تداعياته ستكون كارثية على حياة اللبنانيين.
وإذ تستبعد مصادر أخرى فرضية تقديم الرئيس عون لاستقالته، ترى أن مجرد الاعلان عن المؤتمر الصحافي في هذا التوقيت، قد أعطى مهلة لكل الأطراف لكي تعمل على تدوير الزوايا وإيجاد قاسم مشترك بين الحريري وباسيل، وإلا فإن التصعيد سيكون سيد الموقف مهما كانت التداعيات الناتجة عنه.
يقول بعض المطلعين: ثمة أجواء إيجابية سيطرت خلال الأيام الماضية وأظهرت أن عملية التكليف ستسلك طريقها نحو الانجاز بدعم فرنسي وقبول أميركي وربما بغض نظر سعودي إكراما للرئيس إيمانويل ماكرون، وأن الجميع توافق ضمنيا على ترحيل الخلافات الى مرحلة التأليف التي ستخضع حتما للأخذ والرد وعض الأصابع، وهي لا يمكن أن تنتج حكومة إلا من خلال توقيع الرئيس عون الذي لن يقبل بحكومة لا تراعي التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل، لذلك فإن المنطق السياسي يقول أن لا مصلحة لرئيس الجمهورية أن يتجه نحو التصعيد وضرب كل هذه الايجابيات وتحويل أزمة الحكومة الى أزمة حكم، في ظل شارع غاضب لن يتوانى أمام تنامي الأزمات عن المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية أو إسقاطه.
في حين يرى آخرون أن عون لا يريد تكليف الحريري إكراما لباسيل، وهو لم يعد قادرا على تأجيل الاستشارات بعدما تم سحب ذريعة الميثاقية منه، وهو ربما أراد عبر خطابه تكبيل الحريري بسلسلة إتهامات، أو زرع طريقه بالألغام السياسية التي إما أن تؤدي الى عرقلته وتأخير تكليفه أو الى إحراجه فإخراجه.
وبانتظار ما سيؤول إليه “الخطاب النوعي” لرئيس الجمهورية، فإن اللبنانيين الذين شهدوا خلال الأيام الماضية تراجعا في سعر الدولار، وشعروا بأن إنفراجا سياسيا ربما يلوح في الأفق مع الايجابية التي أوحت بها المواقف الدولية، يتطلعون الى خطاب إيجابي يؤسس لمرحلة معالجة الأزمات، وإلا فإن البديل هو الانزلاق الكامل نحو الفوضى الكاملة”.