لم تأخذ الأمور الكثير من الوقت لتصطلح العلاقة مجدداً بين المختارة وبيت الوسط وتعود الى انتظامها العادي، بعد الصدمة التي سبّبها التصريح الناري للنائب السابق وليد جنبلاط وانتقاده الرئيس سعد الحريري بقوله: “مش هيك بيتعامل جنبلاط”. وحيث لم تمضِ ساعات على موقف جنبلاط حتى فُتِحَتْ الخطوط الهاتفية وتسارعت الاتصالات بين المَقرّين لتنتهي بإجتماع للقاء الديمقراطي النيابي أفضى الى تأييد ترشيح الحريري مجدداً لرئاسة الحكومة.
لكن ما حصل من ترتيبٍ سريعٍ للموقف مع جنبلاط، لا ينطبق على الوضع مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، خصوصاً بعد ان تطوّر الخلاف ووصل الى الخطوط الحمراء في العلاقة بين بيت الوسط وميرنا الشالوحي، ومع تأكيد باسيل انه لا ينتظر اتصالاً من الحريري، وحتى لو حصل، لن يؤدي الى ثنيهِ عن موقفهِ. بعدم ترشيح الحريري. ومن جهة أخرى، فإن العلاقة بين الشيخ سعد ووليد بيك لا تُشبِه علاقة جنبلاط بالمكونات السياسية الأخرى. وتعتبرُ مصادر اشتراكية ان ما حصل غيمة عابرة مضت مفاعيلها بسرعة، لأن ما يجمع الحريري وجنبلاط أعمق من ان يتأثر بالخضّات العابرة، نظراً للعلاقة التاريخية بين المختارة والحريرية السياسية من فترة الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
علاقة تيار المستقبل والتيار الوطني الحر هي خارج إطار المقارنة او المقاربة، فالتسوية القوية بينهما إنهارت العام الماضي وتداعياتها حاضرة في العلاقة على كل المستويات. إذ ان قناعة الحريري انه دفع وحده الثمن السياسي بعد انتفاضة ١٧ تشرين، وهو اتهم باسيل بالإنقلاب على التسوية والإستقالة من الحكومة من دون التنسيق مع أحد. ومؤخراً فتح باسيل النار على عودة الحريري الى رئاسة الحكومة مما يُصعّبُ الموقف أكثر بينهما.
ينتقد المقربون من باسيل عدم وضوح الحريري والثغرة في أدائه، مُصرّين على الميثاقية المسيحية في التكليف، مع الاحتفاظ بالهواجس من تفاهم حكومي رباعي لا يضمنُ حقوق التيار. فيما يعتبر فريق المستقبل ان التفسير الفعلي لبيان رئاسة الجمهورية حول تأجيل الإستشارات النيابية لم يكن مُقنِعاً وإن الدوافع الحقيقية واضحة.
الموقف التصعيدي الأخير لتكتل لبنان القوي يفتح الباب أمام خيارات متنوعة، فإما يبقى الحريري مشروع رئيسٍ مُكَلّفٍ بإنتظار تمديد الاستشارات، او يُخرج نفسه من التكليف محمّلاً رئيس الجمهورية وفريقه السياسي تبِعَات إجهاض المبادرة الفرنسية.
المصدر: ليبانون فايلز