فيما تستذكر البلاد اليوم أكبر ثورة عرفتها في تاريخها القديم والمعاصر، من حيث جمعها تحت لوائها أطياف الشعب اللبناني كلها دون استثناء متجاوزة حدود المناطق والطوائف والمذاهب التي لطالما باعدت بين اللبنانيين لا بل ألبتهم بعضهم على بعض… وفي وقت تفاقمت الاسباب التي دفعت الناس الى الانتفاض، كون مطالبهم لم تلق الآذان الصاغية لدى الطبقة الحاكمة، فأوصلتنا الى انهيار شامل على الصعد كافة، وسط هذه الاجواء التي تختلط فيها النوستالجيا الى ذلك اليوم المجيد وما حمله من امل بالتغيير بمشاعر اليأس والخوف من الغد والفقر والجوع والمرض التي تقض المضاجع اليوم، الجمهورية اللبنانية أسيرة اتصال هاتفي ولقاء يفترض ان يحصل كي تشكل حكومة تحاول اخراج البلاد من الغيبوبة التي يقبع فيها منذ اشهر.. والا لا حكومة!
نعم، تقول مصادر سياسية معارضة ل-“المركزية”، وكأن لا ناس انتفضت ولا أدوية ومحروقات مفقودة ووباء يفتك بالشباب والشيب، ولا أزمة مالية خانقة او غلاء معيشيا فاحشا يدفع المنكوبين الى ركوب عبارات الموت… القوى السياسية لا تزال تشتبك فيما بينها وتتقاتل فوق آلام الناس وجراحهم، وتكابر وترفض الانكسار او التراجع و”من بعدي فليكن الطوفان”!
هذا هو المشهد الذي يدور اليوم على خشبة التأليف. تأجلت الاستشارات النيابية لأن الرئيس سعد الحريري لم يلتق رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل قبل موعد الاستشارات للتفاهم معه حول الحصص والحقائب وشكل الحكومة وبرنامجها… العقدة هذه، تدخّل العالم كلّه لحلّها. هل تصدّقون ؟! تسأل المصادر بتهكّم. قصر الاليزيه دخل على الخط، شغّل محركاته على خط بيت الوسط – ميرنا الشالوحي، واتصل ايضا بعين التينة وكليمنصو طالبا مساعدتهما لتفكيك عقدة الحريري- باسيل! والانكى، انها حتى الساعة عصية على الحل. كل من الرجلين على موقفه، بغض النظر عمن هو على حق ومن “عليه حق”. الحريري يؤكد عبر اوساطه انه لن يلتقي او يتصل بأي احد.. اما باسيل، فالى تأكيده انه لن يبادر في اتجاه الحريري، يشير ايضا الى ان ولو حصل هذا التواصل، فإنه لن يبدل شيئا في موقفه من تكليف الحريري وربما ايضا من منحه الثقة لاحقا..
الستاتيكو القاتل هذا يتهدد الاستشارات المحددة الخميس المقبل اذ قد يؤدي الى ارجائها من جديد، لأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد ينتفض ايضا لنصرة خليفته في سدة التيار، ومنع كسره.
لكن في حال لم يؤجلها وكلّف الحريري، فان لا شيء يضمن ان يؤلف حكومته. ففي عود على بدء، تتابع المصادر، ليست الجمهورية فقط أسيرة الانانيات، بل خاطفها الاكبر يبقى مَن حوّلها بفضل تفوقه العسكري، اي حزب الله، ورقة وساحة في تصرف الجمهورية الاسلامية الايرانية ومصالحها. وطهران قد تعتبر ان تسهيل الحكومة في لبنان حاليا ووضعه على سكة الانعاش، لا يفيدها!
الخروج من هذا السجن، لن يكون الا بالتخلص من السجانين، عبر مزيد من الثورة والثورة والثورة… تختم المصادر.
المصدر: المركزية