في مستشفيات شبه متهالكة، تمر في ممر يؤدي نهايته الى صالة تحتوي على عشرات الاجهزة للغسيل الكلوي، يجلس فيها المرضى كل بجانب كليته الصناعية، تخترق اوردتهم خراطيم صغيرة دورها ايصال دمهم الى ذلك الجهاز منتهي الصلاحية، فيما ضعف عددهم من المرضى في انتظار ادوارهم لخمس وجبات في اليوم تقريباً، اذا ما طرأ طارئ ما وتسبب في تأخير الوجبات، في وضع مأساوي جداً لا يتكرر في افقر الدول.
نعيش في زمن الكورونا، الذي يمثل كارثة قاتلة لمرضى الغسيل الكلوي اذ اصابهم لا سمح الله، هذا الفايروس اللعين، كون المناعة منعدمة او قليلة لهم، يرقد المصابون بالفايروس والفشل الكلوي سويةً، في ردهة عزل تحتوي كليةٍ صناعيةٍ واحدة.
ناهيك عن الاكتظاظ الكبير لمرضى غسيل الكلى في اقسام المستشفيات، والتي يتسابق على تلك الاجهزة العشرات، ما يقارب الـ 40 مريضاً، ما يشكل خطراً على حياتهم، في منظر انعدمت فيه الانسانية، اضافة عن تقليص اضطراري لساعات الغسيل الى ساعتين او ثلاث، فيما يصر اطباء الاختصاص على ان تكون 4 ساعات كاملة، والسبب يكمن في قلة الاجهزة.
كهول انهكت اجسامهم سموم الدم، وحبست انفاسهم السوائل المتراكمة، واطفال سرقت طفولتهم وخزات انابيب سحب الدم، يتجمهرون امام ذلك الجهاز المتعطل بين فينة واخرى، ينظرون له انه مصدر لحياتهم، يرتادونه لمرتين او ثلاث اسبوعياً، مع انعدام لمجموعة من العلاجات الضرورية في المستشفيات الحكومية.
وتجدر الاشارة أن التأخر في تلقي العلاج يضع المريض أمام أثار جسدية، نفسية و إجتماعية صعبة. فبعد عجز الدولة والمشاكل المالية من فساد وسرقات، من هنا ينبغي على المانحين والمتبرعين، دعم الخدمات العلاجية التي تقدم الى مرضى الفشل الكلوي، وضمان استمرارية هذه الخدمات، و تسهيل و تعزيز الاستفادة المجانية لأكبر عدد من المرضى ذوي الفشل الكلوي.
كما يجدر العمل على برامج طويلة الأمد، وتطوير طرق علاج مبتكرة تتناسب بشكل أفضل مع مرضى الفشل الكلوي في سياق الأزمات. أما المنظمات الدولية وهم من مقدمي الخدمات، فعليهم دراسة جميع الجوانب المختصة بالمريض بالاضافة الى الوضع الاقتصادي والاجتماعي المحيط به، و دعم مراكز الرعاية الصحية والمستشفيات الحكومية، من خلال تعزيز هيكلتها و إمدادها بالمعدات المطلوبة لتصبح مهيأة لاستقبال كافة المرضى من كافة الجنسيات.
بالرغم من الجهود المتضافرة لدعم القطاع الصحي في لبنان، يصل العجز اليوم في المستشفيات العامة إلى 15 مليون مع تراكم في الديون، و يعاني القطاع الصحي من مشاكل عديدة في ظل غياب السياسات الطبية و الصحية الشاملة.
خلاصة القول: الخلاص من البلاءات التي نمر بها، مرهون بالرحمة، ونطالب وزارة الصحة بالنظر في معاناة هذه الفئة المعذبة، بالرغم من انها المسؤولة المباشرة والمحاسبة امام الله بإزهاق ارواحهم بدعوى الاهمال والتقصير.
المصدر: الكلمة أونلاين – شادي هيلانة