المصدر: International Scopes – سكوبات عالمية | شادي هيلانة
هذه العودة، هو خيار أشبه بالمغامرة على أكثر من صعيد. لا سيما وان بعض افراد الشارع الثائر يرفض عودته خصوصاً إن كان عائداً على رأس تشكيلة سياسية غير حيادية او مستقلّة، علماً ان ” حلفاءه “في حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي غير متحمسّين لعودته حالياً خوفاً عليه ، حتى لا يتم تعويم ما تبقّى من ولاية” عون ” الذي فقد الكثير من أوراق اللعبة الداخلية.
فبعد موافقة المملكة العربية السعودية على عودته، وسقوط التسوية الرئاسية ولا سيما إذا لم يترافق ترشيحه مع قبول الشارع به ومع إطلاق يده في التأليف ومع صلاحيات واسعة تضمن له تطبيق الإصلاحات الضرورية التي يطالب بها المجتمع الدولي من أجل دعم لبنان وتقديم المساعدات اللازمة، وأبرز هذه الإصلاحات ما يتعلق بقطاع الكهرباء، تبقى إرادة تخلي التيار العوني عن وزارة الطاقة وعن السياسات التي أرهقت اللبنانيين بعجز وخسائر قاربت 40 مليار دولار على هذا القطاع امر غير مطمئن.
صحيح أن تجارب تشكيل الحكومات ما بعد الطائف، تختلف بظروفها وحيثياتها عن تلك التي نشهدها اليوم، لكن ثمة مفارقة تتعلق بأداء الحريري، لم يسبق أن حصلت مع أسلافه، وهي ظهوره في الساعات الأخيرة وكالعادة يحتمي برئيس الجمهورية ويستند إليه لا العكس. فيتكئ مجدداً على موقفه وصلاحياته في التشكيل، على رغم أن لا صلاحيات له بالمعنى التفصيلي، لا بمعنى التوقيع على المرسوم فحسب، مما يؤكد توافقه معه في مفاوضات التأليف.
ما زال المشهد الحكومي ضبابياً وصعباً للغاية ولا تظهر مؤشرات على أن الأمور اختلفت عن مرحلة تكليف أديب. وفي ظل هذا الواقع تشير مصادر إلى أن ثنائي أمل وحزب الله يفضلان تأمين توافق على الحريري نظراً لقدرته التمثيلية في الساحة السنية. لكن مع شخص الحريري هل سينجح الأخير في تطبيق نسخة مصطفى أديب من مبدأ التأليف؟
رغم دعوات الرجلين “الحريري وعون” بعد لقائهما اليوم في التمسك بالمبادرة الفرنسية، وتشكيل حكومة جديدة وفق تصرح الاخير ان وضع البلد لم يعد يحتمل بسبب تردي الاوضاع والتسويف والمماطلة. نريد حلولاً تطمئن الشارع واللبنانيين الثكالى والشعب المُتعب، لكن في المقابل الملف الحكومي يراوح مكانه وغير محدّد بسقف زمني معين، وأهل الحل والعقد في الملف الحكومي جميعهم غير مستعدين لتقديم تنازلات، فلا تكليف مرضياً عنه لحتى الآن، والثنائي “حزب الله وحركة أمل” لا يزالان مصرين على شروطهما، بالرغم من أن الشق الاقتصادي من المبادرة الفرنسية هو حجر الأساس، في برنامج الحكومة العتيد.
الطبقة السياسية لا تزال تتمسك بمراكز السلطة، وذلك للحفاظ على منافعها المالية من خلال التشبث بسياسة المحاصصة التي كانت سبباً رئيساً لوصول لبنان إلى حافة الانهيار، فلا أثر لوصفات حقيقية ولا إصلاحات اقتصادية، بل إنها تجهض للأسف أية محاولة لإنعاش لبنان، فإما أن ينتصر منطق العقل، بتقديم تنازلات من الجميع، وإما ينتصر منطق التعنت، ويفوت لبنان على نفسه فرصة لا تعوّض.