المصدر: International Scopes – سكوبات عالمية | شادي هيلانة
تأتينا كل يوم أخبار عن اغلاق وتوقف دراسة في عدد كبير من المدارس، التى بدأت منذ شهر تقريباً، ونسمع كثيراً عن اخبار تتحدث عن تأجيل الدراسة فى عدد من المدارس الخاصة، قبل أيام من المواعيد المقررة، الأمر الذى أثار حفيظة أولياء الأمور وجعلهم يضربون كفاً على كف. فلماذا لم تتردد المدراس فى غلق أبوابها وتعطيل الدراسة، على الرغم أنها صدعت رؤوسنا بالمصاريف الدراسية والمستلزمات المطلوبة ونفقات الباص وغيرها؟
هل لمجرد اشتباه فى وجود حالة كورونا أو ظهور حالة حقيقية فى مدرسة أمر يستدعى إغلاقها أو وقف الدراسة فيها، هذا موضوع يحتاج لرقابة ومتابعة وإجابات واضحة من جانب وزارتي الصحة والتربية والتعليم العالي، فلا يمكن أن نضع مستقبل الأبناء رهن كلمة “تأجيل” فالكلمة مطاطة بما يكفي وتستخدم لإلباس الحق بالباطل، فكل الأطفال والكبار يصابون بنزلات البرد، وتظهر عليهم أعراض الرشح والعطاس، فلو تم تشخيص هذه الأعراض باعتبارها اشتباه كورونا، لن تفتح المدرسة أبوابها ليوم الدين، لذلك يجب أن تكون هناك معايير واضحة وعلمية يتم على أساسها تقييم الوضع والتأكد من وجود إصابات كورونا بصورة قاطعة من عدمه.
ظهور وباء كورونا ساعد الدولة على إقرار نظام التعليم عن بعد من خلال المنصات الرقمية، بعد صراعات و مهاترات لا حصر لها. فيما لا تزال المدارس الرسمية تعتمد على الوسائل الإلكترونية مثل “واتساب” والإيميل للتواصل مع التلاميذ وإرسال الواجبات اليومية، ذهب بعض المدارس الخاصة إلى أبعد من ذلك، إذ تدرس إمكانية البدء بنظام التدريس التفاعلي، أي أن يشرح المعلمون الدرس عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما يمكن التلاميذ من التفاعل مع الأستاذ خاصة في الصفوف المتوسطة والثانوية.
على المدارس الرسمية أن تسيّر الأمور بصورة جيدة، مع الاخذ بعين الاعتبار كل الملاحظات التي يجب تداركها مستقبلاً، من أهمها تطوير المناهج بما يتناسب والظرف الواقع، وكذلك تطوير مهارات المعلمين وتزويدهم بمهارات إيجابية في فن التدريس والتعامل مع الشرائح العمرية المختلفة للطلاب، خاصة في المراحل الدراسية الأولى بدءاً من صفوف الروضة. وهذا الامر يحتاج لتأهيل أكبر للكوادر البشرية وكذلك البنية الأساسية في المنشآت التعليمية، من تجهيزات واستعدادات، وهو ما لم تثبته الدولة بمقوماتها واستعداداتها للنجاح فيه.
إن بعض الأسر لم تتقبل نظام التعليم عن بعد، وخاصة أنه كانت لديها قناعة بأن جودة التعليم الحي المباشر أفضل من النظام الذي فرضته الظروف، منبهة إلى أهمية تحديث وتطوير المنظومة بما يتلاءم مع الهدف الأساسي وهو الجودة في التحصيل والاستفادة. وعليه يكون خيار التعليم عن بعد متاحاً في المدارس، ليتوافق مع ظروف راغبيه، مع أنه ليس محبذاً، كونه يحرم الطالب من فرحة لقاء معلمه وزميل دراسته وجهاً لوجه.
تم طرح فكرة اعتماد وسيلة جديدة عبر تصوير المعلم شرح الدروس وإرسال الفيديو إلى الطلاب أو حتى عبر فتح اتصال مشترك بين التلاميذ والأستاذ ما يسمح لهم بطرح الأسئلة، فضلاً عن إرسال الأسئلة عبر الإيميل”. ومع إقرارها، تعتبر هذه الوسيلة غير فعالة 100% بالنسبة للتلاميذ الذين لا يلتزمون جميعهم بالقدر نفسه.
لم يُثبت التعليم عن بعد فعاليته وسط هذه الفوضى. فنظراً للوضع المالي الراهن، لم تكن جميع العائلات قادرة على تحمل رسوم خدمة الإنترنت التي تعد في لبنان من بين أغلى الأسعار في العالم. بالإضافة إلى ذلك، لا تستطيع كل أسرة شراء جهاز كمبيوتر أو حاسوب محمول. ويجب الأخذ بعين الاعتبار انقطاع التيار الكهربائي لفترة طويلة في اليوم وهو أمر يشتهر به لبنان.
اخيراً على الدولة واجب اصلاحي في قطاع التعليم والخروج به من عنق الزجاجة الذي احتبس به عشرات السنوات، حتى أنه لم يعد مواكباً لتطورات الزمن، وإعلانها الحرب على عصابات امتصاص دماء الأهالي من المافيات التعليمية، إلي جانب عمليات التطهير، كفصل آلاف المدرسين و استبدالهم بآخرين أكثر كفاءة فلن يعود لُبنان سالماً قوياً الّا بالعلم.