حسم الرئيس سعد الحريري موقفه أمس، إذ قال أنه مرشح طبيعي لرئاسة الحكومة، وأعلن أن سيجري إتصالات من الآن وحتى موعد الإستشارات النيابية الملزمة يوم الخميس المقبل لمعرفة قابلية القوى السياسية على السير بالإصلاحات المطلوبة دوليًا،
والتي تضمنتها المبادرة الفرنسية ليبنى على الشيء مقتضاه. وبناء عليه يمكن إعتبار أن رئيس تيار “المستقبل” قدّم هذه المرّة صيغة لحل ممكن للخروج من عاصفة الأزمة الحكومية،
وهو قد أبدى هذه المرّة إستعداده لتحمّل المسؤولية في حال قرر الآخرون ملاقاته في منتصف الطريق، على عكس المرّات السابقة التي كان يسارع في كل مرّة إلى التعبير عن عدم رغبته في خوض غمار معركة الرئاسة الثالثة،
مع الإشارة إلى الرئيس نجيب ميقاتي كان أول من رشح الحريري لرئاسة الحكومة، وهو بالطبع سيكون موقف رؤساء الحكومات السابقين.
أما بالنسبة إلى موقف كل من الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله من هذا الطرح الحريري المستجدّ فإننا لن نقول جديدًا عندما نؤكد أن موقفهما كان ولا يزال مع تولّي الحريري رئاسة الحكومة، وهما كانا في الأساس ضد تقديم إستقالته عندما إشتدّ ضغوطات الشارع المنتفض عليه.
ولكن هذه المرّة، وعلى عكس المرّات السابقة، المطلوب من الثنائي الشيعي، وبالتحديد من “حزب الله” أن يقدّم له حقيقة هذه المرّة “لبن العصفور”، وهو المتمثّل بالإستعداد التام للسير بالإصلاحات المطلوبة وترجمة القول بالفعل في ما يختص بمحاربة الفساد، وعدم إستفزاز الآخرين من خلال ما يمتلكه من فائض قوة.
أمّا في ما يتعلق بالموقف الأميركي الرافض في المبدأ أن ينضم “حزب الله” إلى أي حكومة بالمباشر فإن بعض المعلومات تشير إلى أن موقف الإدارة الأميركية بعد الإتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل من دون أن يلقى هذا الأمر إعتراضًا حادًّا من قبل “حزب الله” قد يسهّل مسألة إنضمام الحزب إلى حكومة يترأسها الحريري وتضم جميع المكونات الساسية في البلاد، على أساس حكومة تكنوسياسية، بحيث يكون لجميع الأحزاب وجود فاعل في هذه الحكومة من خلال وزراء الدولة، على أن تُحصر المهام الوزارية الأخرى بأصحاب إختصاص، وقد يكون من بينهم ممثلون عن الحراك المدني، وهو الطرح الذي قدّمه الرئيس ميقاتي، والذي رفضه الحريري، الذي إشترط أن تكون الحكومة تكنوقراط وأن “تزيح الأحزاب من الدرب” هذه المرّة.
امّا بالنسبة إلى العقدة الأصعب التي تقول بأنه إمّا الحريري وباسيل خارج الحكومة وإمّا أن يكونا معًا داخلها فتبدو في ظاهرها محلولة، وهذا ما أعلنه الحريري بالأمس، حين قال إن هذا الموضوع لم يعد مطروحًا مما يعني أن لا مشكلة في توزير رئيس “التيار الوطني الحر” أو عدمه، على أن يبقى رأي الأخير هو الحاسم، مع ما سيعلنه رئيس الجمهورية حيال هذا الموضوع بعدما أسقط الحريري التسوية الرئاسية من جانب واحد.
وفي رأي أكثر من مراقب أن الرئيس ميشال عون لن يقف حجر عثرة أمام أي حل في حال تم التوافق عليه، وبالأخص من قبل الثنائي الشيعي.
ولكن يبقى السؤال: هل ستسير الأحزاب، التي من المفترض أن تسمّي الحريري للتكليف ومن ثم إعطائه الثقة، بهذا الطرح الذي يتمسك به الحريري، أي بحكومة إختصاصيين، أم سيضطر في نهاية المطاف العودة إلى “المبادرة الميقاتية”، التي تبقى اقرب إلى الواقع أكثر من أي طرح آخر.
لبنان24