سعر الصرف سيرتفع إلى معدلات قياسية

بدأ منسوب السيولة بالليرة والدولار يتراجع بشكل ملحوظ بين أيدي المواطنين. فتقييد السحوبات بالدولار الذي تدرج من حدود 2000 دولار اسبوعياً في الأول من تشرين الثاني 2019، مروراً بتخفيض النسب إلى نحو 400 دولار شهرياً في شباط 2020، وصولاً إلى إيقافها نهائياً في شهر نيسان وتحويلها الى الليرة على سعر “المنصة”، أرخى بثقله على كاهل المواطنين.

في 21 نيسان 2020 أصدر مصرف لبنان تعميماً حمل الرقم 151، وقضى بـ “السماح للعميل المودعة أمواله بالعملة الأجنبية، أن يسحبها بالليرة اللبنانية وفق سعر السوق، (3000 ليرة يومها، قبل ان يرتفع في حزيران إلى 3900 ليرة)”. منذ ذاك الحين أصبح حصول المودع على دولار واحد من حسابه، اصعب من دخول “الفيل في خرم الابرة”. وعلى غرار كل التعاميم التي سبقته ولحقته، فان المركزي ترك للبنوك حرية الاستنساب في تطبيق القرار. حيث لم يأت على ذكر المبلغ الادنى الذي يحق للعميل سحبه، بل ترك للمصارف قرار تحديدها حسب امكانياتها. في حين حدد السقف الاقصى للسحوبات الشهرية بما يعادل 5 آلاف دولار شهرياً، عند طلب العميل فقط.

رفع سقف السحوبات

بشكل عام فان أغلبية المصارف اللبنانية اعتمدت رقماً يتراوح بين 400 و500 دولار شهرياً كحد ادنى للسحب على أساس التعميم 151 من الحسابات التي تقل عن 10 آلاف دولار اميركي، فيما عمدت بعض المصارف إلى السماح للعميل بالحصول على 500 دولار اسبوعياً بغض النظر عن حجم الحساب. أما في ما خص السحب بالليرة اللبنانية فقد جرى الاتفاق على ان يكون الحد الاقصى المسموح به شهرياً 25 مليون ليرة. ويحق للمصارف اجراء استثناءات بتسحيب العميل مبلغاً اكبر في الحالات الاضطرارية وحسب الظروف. هذا الواقع الاستنسابي ظل سارياً لغاية الرابع من آب. “فبعد انفجار المرفأ ونظراً للأعباء الكبيرة التي رتبها الانفجار على كاهل الاسر والافراد، رفعت أغلبية المصارف القيود عن السحوبات وفتحت السقوف أمام الجميع”، يقول الخبير الاقتصادي جان طويلة. “فتخطت الكثير من المصارف التعميم 151 لجهة تحديد السقف الاعلى المحدد بـ 5 آلاف دولار للحسابات الكبيرة فقط، وسمحت لكل عملائها بسحب هذا المبلغ شهرياً من أجل مساعدتهم على اعادة ترميم منازلهم، أو تأمين متطلباتهم الحياتية وتخطي محنة انفجار المرفأ”.

الاستمرار في هذا التجاوز الذي فرض نفسه موقتاً يفاقم المشاكل ولا يحلها، من وجهة نظر نقدية. فهو يعني زيادة معدلات طباعة العملة الوطنية لتلبية الطلب المتزايد على الليرة اللبنانية. وبحسب طويلة فان “الفوائد الموضعية الناجمة عن زيادة السيولة بين أيدي المستهلكين، يقابلها ارتفاع الكتلة النقدية في التداول، وزيادة الطلب على الدولار بشكل مباشر، أو غير مباشر من خلال استهلاك السلع المستوردة. الامر الذي يدفع سريعاً إلى ارتفاع الاسعار، واستمرار انهيار العملة الوطنية أمام الدولار. وهذا ما حدا بمصرف لبنان بالطلب من المصارف العودة إلى الالتزام ببنود التعميم رقم 151، وكبح جماح السحوبات الكبيرة بالليرة”.

زيادة الضغط على المواطنين

في المقابل فان العودة إلى القيود المصرفية شكلت مزيداً من الضغط على المواطنين. فمع ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة إلى 8500 أصبحت معظم الاسر عاجزة عن تأمين متطلباتها الاساسية على أبواب فصل الشتاء. فمن يتقاضى أجره أو راتبه بالليرة اللبنانية، انهارت قدرته الشرائية باكثر من 80 في المئة. فيما خسر من يتقاضى بدل اتعابه بالدولار، أو يملك حساباً جارياً بالعملة الاجنبية أكثر من 50 في المئة من المبلغ المسموح سحبه على أساس 3900 ليرة؛ وتجاوز معدل الاقتطاع، الـ “هيركات الخفي” 83 في المئة على كل دولار يسحبه من خارج التعميم 151 على اساس سعر صرف 1507.5.

توسيع “بيكار” الأزمة، يُظهر انه سواء قننت المصارف حجم السحوبات أم فتحتها فان المشكلة لن تحل. ففي الحالة الاولى ستتراجع القدرة الاستهلاكية للمواطنين وستتقلص امكانية حصولهم على حاجاتهم الاساسية، فيما بالطريقة الثانية نكون نزيدُ أصفاراً على الاسعار من دون أن يتغير شيء على أرض الواقع. وفي كلتا الحالتين، يتراجع الناتج المحلي الاجمالي ويزداد معدل الانكماش، ويتراجع النمو الاقتصادي اكثر.

ليس بالتعاميم وحدها يحيا الاقتصاد

بناء عليه فان الشفاء لن يكون بمسكنات التعاميم والسياسات الاستنسابية، بل بوجود حكومة فاعلة ومستقلة تمسك الملف الاقتصادي وتسير به إلى النهاية. فـ”الحل لم يعد تقنياً”، يقول الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان. “ففي ظل سياسة الهروب إلى الامام التي اتبعت منذ زمن، وانفجار المرفأ ورفعه الاكلاف بما لا يقل عن 8 مليارات دولار، واستنزاف الاحتياطي الذي يمثل حقوق المودعين، وارتفعاع الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية إلى معدلات جنونية (تجاوزت 25 الف مليار ليرة)، أصبح الحل سياسياً. وهو يرتكز على تأليف حكومة بأولوية اقتصادية تنطلق من اعادة تفعيل العلاقة مع صندوق النقد الدولي وتأمين التدفقات النقدية بالعملة الاجنبية إلى لبنان”. وبحسب أبو سليمان فان “مرحلة رفع الدعم التي ندخل فيها سريعاً من دون “أحزمة أمان”، ستسبب كارثة اجتماعية وزيادة هائلة في معدلات الفقر من جهة، ومن الجهة الاخرى سترفع طلب التجار على الدولار في السوق الثانوية، من دون أن يكون متوفراً بالضرورة بالكمية المطلوبة. الامر الذي سيرفع سعر الصرف إلى معدلات قياسية ويدفع الى فقدان العديد من السلع الغذائية والادوية والمشتقات النفطية، ويسبب كارثة انسانية.

المصدر: نداء الوطن


عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

أسعار المحروقات اليوم ↑↓

أسعار المحروقات في لبنان اليوم أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للمحروقات لحظة بلحظة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *