البلد يهوي الى القاع؛ الاقتصاديون يتحدثون عن خسائر مريعة، وارقام مخيفة على المستوى المالي، الدولار بدأ يطرق باب العشرة آلاف ليرة، وحبلُه فالت على قفزات مريعة.
وفيروس “كورونا” يتحضّر لأن يتجاوز عتبة الـ1500 إصابة يومياً، والحالات الى ارتفاع بأعداد اكثر مأساوية وخطورة اكثر. فأيّ كارثة يريدها من يفترض أنّهم أولياء أمر البلد، في مختلف المواقع السياسية والرسمية والمسؤولة، أكبر من هذه الكارثة التي تفتك بلبنان واللبنانيين، لكي ينزلوا عن عروش مصالحهم، ويوقفوا مهازلهم ومعاركهم المقيتة التي هي اصل البلاء، ويدركوا فعلاً انّ البلد صارعلى طريق الزوال؟
لقد بحّ صوت الناس، وأفلسوا، وجاعوا، وفقدوا حتى قدرة الصراخ من الوجع. إنّه القتل الجماعي الذي يُمارس بحقهم كلّ يوم، من دون أن يرفّ جفن للممسكين بالدولة والقرار، ما خلا تلك الاسطوانة الممجوجة، التي لم يملّوا من تكرارها، بأنّهم خائفون على البلد، وحريصون، وسيفعلون، وسيُنقذون، وسيحاسبون، وما الى ذلك من مفردات تخديريّة فارغة!
بالتأكيد لو أنّنا في دولة، فيها قادة حكماء، ومسؤولون مسؤولون بالفعل، وقوى سياسية مسؤولة،
وملتزمة بشعاراتها ومبادئها هي على الاقل، ويحترم المتحكّمون بهذه الدولة انفسهم، لكان الأمر اختلف، ولما وجد اللبنانيون أنفسهم مُهمَلين في واقع وقح، يعتبر فيه كل طرف نفسه أكبر من الوطن كلّه،
ويلعب بمصير أهله مقابل أصغر تفصيل، ويضع مصير وطن بأسره في البازار على حلبة حكومة يريدها هذا الطرف او ذاك، منصّة لتحكمّه وتسلّطه وفرض مشيئته، ومرآة عاكسة لمصالحه ومكتسباته وحده فقط، دون سائر الآخرين!
تُضاف الى هذه الغابة السياسية، صورة أبشع، توحي وكأنّنا اصبحنا نعيش في غابة أمنيّة يحكمها وحوش وفلتان،
تتجلّى في الارتفاع المخيف لمعدلات جرائم السرقة والقتل في غير منطقة، وتجلّت في الساعات الماضية في مظاهر السّلاح المتفلّت، الذي ظهر فيه عشرات المسلّحين بمختلف انواع الاسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، واقامة حواجز مسلّحة في العديد من الطرقات الرئيسية في بعض مناطق بعلبك، الأمر الذي خلق حالاً من التوتر الشديد على خلفيات ثأرية، بين بعض العشائر، فيما السلطة غائبة ولا اثر لها.