في أيلول من العام الماضي بدأت أزمة الدولار فعلياً مع وضع العقوبات على جمّال تراست بنك، ولكن وقتذاك لم يكن يشعر أحد بخطورة ما حدث أو ما كان يخطّط للبنان… إندلعت الإحتجاجات في 17 تشرين الأول الفائت، أقفلت المصارف أبوابها في حين كانت التحويلات الى الخارج سارية على قدم وساق، وشيئاً فشيئا بدأ سعر الدولار بالإرتفاع…
إذا، ارتفع سعر صرف الدولار مقابل الليرة في السوق السوداء ولكن بقي 1515 هو السعر الرسمي في وقت بدأ شحّ العملات الأجنبية في المصارف، ففي بداية الاحتجاجات كان يسمح لكل زبون في المصرف أن يسحب من رصيده ألف دولار في الشهر ومن ثم خمسمئة دولار تدنّت الى المئة دولار وفجأة لا سحوبات بالعملة الخضراء من حسابات اللبنانيين!.
فقدان الدولار من المصارف خلق أزمة كبيرة وساهم كثيراً في إرتفاع سعر الصرف في السوق السوداء نتيجة تهافت اللبنانيين على شرائه، في 21 نيسان 2020 أصدر حاكم مصرف لبنان التعميم رقم 151 المتعلّق باجراءات استثنائيّة حول السحوبات بالعملة الاجنبيّة يشير الى ضرورة تسديد قيمة المبلغ بالدولار أو أيّ من العملات الاجنبيّة بما يوازيه بالليرة اللبنانية وفقًا لسعر السوق المعتمد فـي المنصة الالكترونية لعمليات الصرافة، أي 3900 ليرة، على أن يبقى التعميم ساري المفعول ستة أشهر أي حتى 21 تشرين الأول الجاري. اليوم السؤال الأهمّ: “ماذا سيحصل بعد هذا التاريخ هل سيُجدّد التعميم أم أنّ السحوبات ستعود لتكون على 1515 كما كانت سابقا”؟.
“لا مؤشّر واضح على ماذا سيقرّر مصرف لبنان بخصوص التعميم وإذا كان سيمدّده أم لا”. هذا ما يؤكّده الخبير الاقتصادي نسيب غبريل عبر “النشرة”، لافتا الى أن “الوضع لا يزال بحالة جمود تام والحكومة لم تقم باصلاحات، كذلك فإن المحادثات مع صندوق النقد الدولي متوقّفة”، مضيفاً: “هناك إشاعات كثيرة تقول إنه سيتمّ تعديل سعر المنصّة الالكترونية لتصبح 4200 ليرة بدل 3900 ليرة، والبعض الآخر يقول إننا قد نعود الى السابق، ولكن هذه كلها إشاعات”، مشدّدا على أن “لا أحد يمكنه أن يتكهّن بالسعر، وبما سيقوم به الحاكم إذا كان سيمدّد التعميم أو يوقف استخدامه أو يقوم بتعديل سعر الصرف في المنصة الالكترونيّة”.
في حين أنّ الخبير الاقتصادي لويس حبيقة، يلفت الى أنه “طبعاً يمكن تجديد التعميم فمصرف لبنان يقوم بطباعة الليرة ويمكن أن نكمل بهذا الشكل في الوقت الراهن”، مشيرا الى أنه “وبهكذا ظروف لا يستطيع الحاكم إيقاف العمل بالتعميم رغم أن هذا الامر سيؤدّي الى انخفاض سعر الليرة مع الوقت”.
“الاستمرار بطباعة العملة اللبنانية سيؤدّي حكماً الى التضخّم في السوق وانخفاض في القدرة الشرائيّة مع الوقت”، هذا ما يؤكّده حبيقة، معتبرا في نفس الوقت أن “التضخّم هو أفضل بكثير من إيقاف مفعول التعميم رقم 151 والذي حكماً سيخلق مشكلة في البلاد”.
في حين أنّ نسيب غبريل يرى أننا “نعمل بغموض تام ولا رؤية على المدى الطويل والمتوسّط”، مشدّدا على أنّ “الأزمة بدأت في أيلول الماضي والسلطة لم تقم بإجراء لإعادة الثّقة”، مضيفا: “في ايسلندا وخلال الحرب العالميّة حصلت أزمة وبعد ثلاثة أيام أقرّت الحكومة قانون “الكابيتال كونترول”، في لبنان مررنا بأزمة حادّة وحتى اليوم لم نتمكّن، من اقراره”. بضعة أيّام تفصلنا عن معرفة مصير التعميم 151 حيال تجديده أم لا، وما الاجراءات التي ستتخذ، ومعه معرفة مصير السحوبات بالدولار؟!.
المصدر: النشرة