تنطلق المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل برعاية أميركية وبإشراف مباشر من قوات الطوارىء الدولية العاملة في الجنوب في 14 الجاري في مسار تفاوضي على ترسيم الحدود البحرية بداية،
وسيكون هذا المسار، على أغلب الظن، طويلًا وشاقًا،
على أن يليه في مرحلة لاحقة ترسيم الحدود البرية، التي ستكون متلازمة مع ترسيم الحدود اللبنانية مع سوريا، بإعتبار أن مزارع شبعا المتنازع عليها غير محسومة الهوية.
ففي حين يقول البعض إنها أراضٍ لبنانية يجزم البعض الآخر بأنها سورية،
وهذا الأمر يحتاج إلى وثائق ومراجع أممية لإثبات هويتها، التي تبقى مجهولة إلى حين جلاء الحقيقية التاريخية والجغرافية معًا،
وهذا الأمر لن يتمّ إن لم يدخل البلدان المتجاوران والمتداخلة حدودهما في أكثر من منطقة في مفاوضات مباشرة بين لبنان وسوريا، وبرعاية واشراف الأمم المتحدة، بعد التوافق السياسي بين البلدين،
إذ أنه من غير المنطقي أن تبدأ المفاوضات، ولو غير مباشرة، مع دولة عدّوة،
في حين يتعذّر على دولتين عربيتين التفاوض حتى بغير المباشر،
وإن كانت سوريا لا تزال حتى هذا الحين خارج جامعة الدول العربية،
وقد تكون عاصماتهما الأقرب جغرافيًا من أي بلدين في العالم، إذ تبلغ المسافة بين بيروت ودمشق 70 كيلومترُا.
ومع أن الاختلاف في النقاط المتداخلة بين الاراضي اللبنانية والأراضي الإسرائيلية تحدّد بالأمتار،
فإن المفاوضات بينهما لن تكون سهلة،
هذا بالطبع إذا سارت المفاوضات على الترسيم البحري وفق ما يراه لبنان ملائمًا لمصلحته الوطنية،
وليس وفق ما يناسب العدو الإسرائيلي على قاعدة ما هو لي هو لي وما هو لك هو لي أيضًا.
أما المفاوضات بين لبنان وسوريا قد يكون أصعب، هذا في حال التوافق على ترسيم الحدود، لأن التداخل بين الحدود يبلغ في بعض المناطق مئات الأمتار، إن لم يكن أكثر.
وبغض النظر عمّا يُقال بأن “حزب الله” لن يسير في مسألة ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، فإن هذا الأمر يُعتبر بالنسبة إليه يوازي في أهميته أهمية سلاحه، الذي هو خارج النقاش في المطلق.
من هنا يقول بعض الخبراء في المسائل التفاوضية إن إسرائيل ستكتفي في مفاوضاتها بالشق المتعلق بترسيم الحدود البحرية،
على أن تُترك مسألة الترسيم البري إلى حين نضوج التسويات في المنطقة، وبالتحديد بعد نتائج الإنتخابات الأميركية،
لأن تل أبيب تدرك أن لبنان غير مهيأ في الظروف الراهنة على خوض مغامرة أحادية الإتجاهات،
بإعتبار أن ترسيم الحدود الجنوبية من دون الحدود الشرقية والشمالية تبقى من دون ذي جدوى أو قيمة،
وهي ستحاول اللعب على هذا الوتر في مفاوضاتها البحرية بهدف تحقيق المزيد من المكتسبات،
فضلًا عمّا يعانيه الوضع الداخلي اللبناني من تعقيدات،
خصوصًا في غياب حكومة أصيلة من ضمن واجباتها متابعة مفاوضات الناقورة، لأنها كسلطة تنفيذية معنية بما يمكن أن يطرأ من مستجدات.
في خضم هذه التناقضات يدخل لبنان تجربة جديدة قد يكون لها مفاعيل مستقبلية على أكثر من صعيد، خصوصًا بعد أن تبرد ساحة الإقليم.
لبنان24