حالة من “الاستلشاق” السياسي تمارسها القوى السياسية غير آبهة بالانهيارات التي تتوالى في القطاعات الاساسية كافة بما يطرح علامة استفهام كبيرة عن خلفيات هذا التراخي والتجرد من الاحساس بالمسؤولية اقله لناحية الوضع المعيشي والصحي الذي ينذر بانفجار كبير اذا لم يجرالعمل لاستلحاقه في ظل اقتراب موعد رفع الدعم عن السلع الاساسية .
تطورات عدة تبعت زلزال 4 آب انطلاقا من المبادرة الفرنسية وصولا الى اعلان التوصل الى “اتفاق اطار” للتفاوض مع اسرائيل على ترسيم الحدود البحرية والبرية. والعين ربما يجب ان تقع على مواقف وتصريحات بعض القيادات السياسية وتحديدا مواقف الامين العام لـ”حزب الله” الاخيرة – على خلفية اتهام حزبه وحركة “امل” بالتعطيل- التي كشفت عن نظرة الحزب للمبادرة بأنها جاءت لمواجهته واستهداف ظهر المقاومة رابطا قبول مساعدات صندوق النقد الدولي بالشروط، في حين لم يكن هناك مصارحة واضحة عن هذه الهواجس لدى ايجاب الرئيس الفرنسي مكرون بالـ” نعم” المشبعة في قصر الصنوبر.
لم يخف الامين العام منعه الصريح تشكيل حكومة على اعتبار انها حكومة امر واقع، وفي الوقت عينه لا يمكن الا يتقاطع هذا المنع مع اعلان التوصل الى اتفاق للتفاوص حول ترسيم الحدود الاخير اقله لناحية التوقيت. بما يوحي بأن المبادرة الفرنسية لم تكن مسنودة اميركيا – هذا اذا لم نقل انه قطع عليها الطريق اميركيا – عبر افشال التشكيل الذي قابلته موافقة على البدء بالتفاوض غير المباشر على الترسيم. ربما يَسأل كثر عن موقف “حزب الله” ومن ورائه ايران حيال الاعلان. بالطبع ان هذا الاعلان لم يكن بمعزل عن موافقة “حزب الله”، وهناك تبادل ادوار واضح بين الثانئي الشيعي ليس برا فقط وانما ايضا بحرا وجوا وفقا لمقتضيات الظروف والاحداث والتطورات. اما عن طهران فهي لم تجد مشكلة في تسليف الاميركي بعد حشر حلفائها من قبل الفرنسي وطالما انه ايضا ليس من جيبها.
بالطبع هذا المشهد سيضع لبنان امام تحديات جديدة من نوعها، اهمها ان ارضه فَتحت منصة تفاوض شرق اوسطية منتهاها “مر” اذا لم تدر بشكل حذر ومتماسك – أقله – على مستوى التعاطي مع العدو الاسرائيلي .