يبدو أنّ المشهد الداخلي سيبقى مضبوطاً على ايقاع اتفاق إطار مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، الذي أعلنه الرئيس نبيه بري. أقلّه إلى موعد انطلاق هذه المفاوضات التي يعوّل عليها لبنان في تأكيد سيادته على حدوده البحرية، وكذلك على البر.
وبديهي هنا التأكيد، أنّ طغيان ملف الترسيم، بما يعتريه من نفحة أمل، ولو مستقبلية، بإمكان استفادة لبنان وبحريّة كاملة، من ثرواته الغازية والنفطية الكامنة في النقاط المتنازع عليها في البحر بين لبنان واسرائيل، لا يحجب صورة الفراغ الحكومي بما تنطوي عليه من سلبيات، ومن إفلاس لدى كلّ المعنيين بهذا الملف، من أيّ عنصر دفع إيجابي في اتجاه تأليف الحكومة، وفي وقت باتت فيه الأزمات المتدحرجة على رؤوس اللبنانيين، تدق أجراس التفاقم، وتنذر بشرّ مستطير على كل المستويات الاقتصادية والمالية والمعيشية.
الاجواء المرتبطة بملف التكليف والتأليف، يتجاذبها توجهان متناقضان، يؤشر تصلّبهما حيال بعضهما البعض الى صعوبة أن يلتقيا بإرادتهما، على مساحة مشتركة تُبنى عليها الحكومة الجديدة؛ الأول، فريق الرئيس سعد الحريري المنكفئ بعيداً من خط التكليف والتأليف، تاركاً كرة التخبّط في ملعب من يسمّيهم هذا الفريق برافضي التسوية والمعطلين للمسار الحكومي، عبر شروط استعلائية، ومحاولة فرض اعراف جديدة تطيح الدستور والطائف. والمقصود هنا ثنائي حركة “امل” و”حزب الله”. والثاني، هو ثنائي الحركة والحزب، اللذان يعتبران انّ كرة الاستفادة من فشل “التجربة الفاشلة” مع تكليف مصطفى اديب، هي في ملعب الحريري وفريقه.
وفيما تعتبر “أمل” انّ التفاهم هو الاساس الذي يفترض ان تُبنى عليه الحكومة الجديدة، يبدو “حزب الله” لا يزال يحتفظ بنبرة عالية تجاه هذا الفريق، ويتهمه بـ”محاولة إحداث انقلاب في البلد، عبر محاولة تشكيل حكومة موظفين يديرهم هذا الفريق كيفما يشاء، ويأخذ البلد في الإتجاه الذي يريده سياسياً واقتصادياً ومالياً، فكان لا بدّ من إفشال هذا الانقلاب”.
من أين سيخرج الارنب؟
لكن أمام انسداد الأفق على الخط الحكومي، وإنكفاء الأطراف السياسية المعنيّة، وخصوصاً السنيّة منها، الى خلف المشهد، في ما بدا انّه يشبه انتظاراً لتطورات ما، تدفع في اتجاه اعادة فتح المرشحين لرئاسة الحكومة، يستلقي على الخط الحكومي السؤال التالي: من أيّ كمّ سيخرج أرنب التكليف والتأليف؟
اذا كان مجرّد اعلان اتفاق اطار مفاوضات الترسيم، قد مرّر في الأجواء الداخلية نسمة ايجابية، كانت انعكاساً للايجابية البالغة التي عكستها الجهات الدولية المعنية بهذا الاتفاق، وتأكيدها على اهمية انجاز ملف الترسيم، وفق خريطة الطريق المحدّدة في “اتفاق الاطار”، فإنّ بعض المقاربات السياسية لهذا الاتفاق، تعاكس التوجهات الصدامية الثابتة على الخط الحكومي على ضفتي الحريري وفريقه، وثنائي “أمل” و”حزب الله” فهذه المقاربات، ترى انّ الفرصة اللبنانية مؤاتية للاستثمار على هذا الحدث المتمثل باتفاق الاطار، وما له من بعد اممي واميركي، والانتقال من مرحلة فقدان التوازن السياسي السائدة حالياً جراء الشلل الكامل في السلطة التنفيذية، الى مرحلة ضبط هذا التوازن وتثبيته بـ”قطف” الحكومة في هذا الوقت بالذات، وإخراجها من المغارة السياسيّة التي تحتجزها داخلها، توجّهات متناقضة وطروحات متصادمة تعطل ولادتها.
الحاجة مضاعفة
وبحسب تلك المقاربات، فإنّ حاجة البلد الى التوافق السياسي على حكومة سريعة، باتت مضاعفة في هذا الوقت، أولاً، لجهة مهمتها الانقاذية والاصلاحية والتي سبق ان حدّدتها المبادرة الفرنسية، فضلاً عن انّ الفراغ في السلطة التنفيذية، وكلما طالما أمده، يستحيل ولّادة لمزيد من الاهتراء، وسلاحاً قاتلاً لكلّ أمل بالنهوض بالبلد من هذا الاهتراء. وثانياً، لجهة ضرورة وجودها كسلطة كاملة المواصفات والصلاحيات، في موازاة حدث ينطوي على اهمية استثنائية بالنسبة الى لبنان، فمن جهة يعزز وجودها موقع وموقف المفاوض اللبناني، وعدم وجودها حتماً سيربكه، ومن جهة ثانية تلعب الدور المطلوب منها في مواكبة مفاوضات الترسيم، التي بدأت الاستعدادات منذ الآن لإقامة احتفالية ضخمة لانطلاقتها في مقر قيادة “اليونيفيل” في الناقورة منتصف الشهر الجاري.
اسبوع التزخيم
وبحسب ما تجمّع لـ”الجمهورية” من الجهات المعنيّة بملف تأليف الحكومة، فإنّها تعوّل على الأسبوع المقبل في أن يكون أسبوع تزخيم المشاورات السياسية للاتفاق على شخصية الرئيس المكلّف، وبالتالي بناء الحكومة الجديدة على أرضية توافقية. ذلك أنّ المناخ الدولي، مع الاعلان عن اتفاق اطار المفاوضات، صار اكثر دفعاً في هذا الاتجاه، وهو ما اكّدت عليه نصائح دولية تلقّاها مسؤولون لبنانيون في الساعات الماضية، تعتبر أنّ من الافضل للبنان ان تنطلق مفاوضات الترسيم في ظلّ وضع هادىء ومستقر سياسياً وحكومياً، وليس كما هو الآن في حال اللااستقرار.
وفي هذا السياق، كشف أحد كبار المسؤولين، انّ شخصيّة امميّة، نقلت اليه ما يفيد عن رغبة أميركية في تشكيل حكومة بصورة عاجلة في لبنان، تلتزم بإجراء الاصلاحات التي ينادي بها الشعب اللبناني.
ويأتي ذلك بالتزامن مع ما نقلته مصادر ديبلوماسية من العاصمة الفرنسية، عن رصد فرنسي حثيث لمجريات الداخل اللبناني. وتلفت هذه المصادر، الى “أنّ التواصل لم ينقطع بين باريس وبيروت، منذ المؤتمر الصحافي الناري للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون”، وهو ما اكّدته مصادر سياسية واسعة الاطلاع، التي تحدثت عن تواصل فرنسي مع “حزب الله” بعد خطاب الرئيس الفرنسي. من دون ان توضح هذه المصادر ما دار بين الجانبين. وكشفت المصادر الديبلوماسية من باريس، “انّها تملك معطيات جديّة تفيد بأنّ لدى الرئيس ماكرون توجّهاً جديًّا لتفعيل مبادرته في القريب العاجل”، ولكن من دون ان توضح ماهية هذا التفعيل.
وبحسب معطيات المصادر عينها، فإنّ مهلة الستة اسابيع، التي حدّدها الرئيس ماكرون لتشكيل حكومة في لبنان، والتي انقضى منها اسبوع حتى الآن، لا تعني ان يتمّ هذا التشكيل في الاسبوع الخامس او السادس، بل أنّ باريس راغبة في أن تتشكّل الحكومة قبل ذلك، وهي ستدفع في هذا الاتجاه، الّا انّ ذلك بالتأكيد رهن تجاوب الاطراف في لبنان، الذين يفترض ان يكونوا قد استفادوا من التجربة السابقة التي انتهت بالرئيس المكلّف مصطفى اديب الى الاعتذار.
ورداً على سؤال عن صحّة ما تردّد عن انّ الرئيس ماكرون سيرسل موفداً الى لبنان ليواكب تشكيل الحكومة قالت المصادر: “لبنان بند اساس في اجندة الايليزيه، والرئيس ماكرون لن يترك مبادرته، وهذا أمر ثابت بالنسبة اليه، وسيكون حاضراً حتماً في لبنان لإنجاحها، سواء عبر موفدين شخصيّين او ديبلوماسيّين. وأما بالنسبة الى التوقيت فهو خاضع بالتأكيد لروزنامة الرئيس الفرنسي”.
وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية، استقبل السيد مخائيل بوغدانوف الممثل الخاص لرئيس روسيا الإتحادية في الشرق الاوسط وبلدان أفريقيا نائب وزير الخارجية الروسي في ? تشرين الاول السيد جورج شعبان الممثل الخاص لرئيس الحكومة اللبنانية السابق ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري.
وتم خلال اللقاء بحث الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والمعيشية في لبنان، بما في ذلك ما يمكن بذله من جهود من أجل تجاوز الأزمة الحكومية في هذا البلد الصديق، وكان التأكيد من الطرف الروسي على الموقف الروسي المبدئي والثابت في دعم وتأمين الإستقرار السياسي الداخلي في لبنان، من خلال تأمين حوار وطني على مبدأ الإلتزام بوحدة واستقلال لبنان.
اتفاق الاطار
من جهة ثانية، بقي المشهد الداخلي أمس، خاضعاً لارتدادات الإعلان عن اتفاق إطار مفاوضات ترسيم الحدود البحريّة بين لبنان واسرائيل، وخلافاً للصورة الدولية التي قاربت هذا الاتفاق بوصفه حدثاً استثنائياً للاطراف المعنية به، وخطوة في اتجاه ترسيخ الأمن والإستقرار على جانبي الحدود بين لبنان واسرائيل، فإنّ المقاربة الداخلية لم تكن بمستوى هذا الحدث، حيث تمّ التعاطي معه ببرودة ملحوظة، وكأنّه أمر يعني فقط، فئة معيّنة من اللبنانيّين، دون سائر اللبنانيين.
فالرئيس نبيه بري، الذي اعلن عن الاتفاق في احتفالية عين التينة امس الأول، يصنّف هذا الحدث كإنجاز استثنائي للبلد، يفتح الطريق أمام لبنان لبسط سيادته على كامل حدوده المائية وما تكتنزه من ثروات من النفط والغاز، وكذلك حدوده البريّة. فيما تجاوزت سائر المقاربات الداخلية هذا الإنجاز، وصوّبت على ما وصفته “العُرف” الذي يريد بري أن يفرضه، متجاوزاً صلاحيات رئيس الجمهورية في ما خصّ التفاوض حول عقد المعاهدات الدولية الخارجية، والتي عاد رئيس الجمهورية وأكّد عليها، ايّ الصلاحيات، في بيان المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية بعد اعلان بري عن الاتفاق.
بازار التجاذبات
وربطاً بالجو الداخلي البارد من إعلان اتفاق الإطار، اكّدت مصادر سياسية لـ”الجمهورية”، انّ النقطة الاساس، هي الّا يتمّ إدخال هذا الملف في بازار الخلافات والتجاذبات الداخلية، التي من شأنها الّا تُضعف فقط الموقف اللبناني وتربكه في مفاوضات، بالتأكيد لن تكون سهلة مع الاسرائيليين، بل من شأنها أن تنسف كلّ ما تحقّق في هذا الملف وكل الجهد الذي بُذل على مدى سنوات طويلة، للوصول الى هذا الاتفاق.
واذ لفتت المصادر الى “ثغرة اساسية تعتري هذا الاتفاق – الاطار، وهي عدم تحديد سقف زمني لهذه المفاوضات، بل ابقاها مفتوحة، ما قد يجعلها عرضة للتمديد المتتالي لفترات طويلة تزيد على الاشهر وربما لسنة واكثر”، اكّدت هذه المصادر “أنّ اولوية لبنان حالياً هي ان ينصرف الى التحضير لهذه المفاوضات، أكانت ستستمر لفترة قصيرة، او ستستمر لفترة طويلة، وأن يعدّ العدّة مسبقاً للدخول اليها محصّناً بموقف لبناني موحّد، ومستعداً لمواجهة ما قد يخبئه الاسرائيليّون من مفاجآت او عمليات تحايل قد يلجأون إليها، تحقيقاً لمصلحتهم على حساب لبنان وحقوقه”.
الاتفاق محصّن
في هذا الوقت، أبلغت قيادة “اليونيفيل” الجهات المعنية اللبنانية، “أنّ التحضيرات اللوجستية لانطلاق عملية التفاوض بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي في مقر القيادة الدولية في الناقورة، على جهوزية تامة لاستقبال المفاوضين، مع ابداء الأمل في أن يتمكّن الطرفان من إنجاز الاتفاق النهائي سريعاً بينهما”.
بدوره، اكّد مسؤول دولي معني بالإتفاق لـ”الجمهورية”، انّ الاتفاق حول اطار مفاوضات الترسيم، محصّن، اولاً بحاجة الجانبين اللبناني والاسرائيلي اليه، وثانياً، بالحضور الأميركي المباشر، والتزام الولايات المتحدة الاميركية بأن تلعب دور الوسيط الايجابي والمسهّل لعملية التفاوض، وثالثاً، وبالرعاية الاممية لهذا الاتفاق، والتي ستكون قيادة “اليونيفيل” وفقاً لهذه الرعاية، عاملاً مساعداً في اتجاه تحقيق الغاية المرجوة من الاتفاق بالنسبة الى لبنان واسرائيل.
ورداً على سؤال قال المسؤول الدولي: “إنّ أمد المفاوضات يتحدّد من خلال مجريات التفاوض، وكما هو مرسوم فإنّ الاجتماعات التمهيدية حسمت الكثير من الأمور، وثمة اتفاق واضح على انّ المفاوضات التي سيذهب اليها الطرفان، هي مفاوضات تفصيلية، ومنتجة في آن معاً، ومن هنا لا أعتقد أنّ بلوغ الاتفاق النهائي سيتطلب وقتاً طويلاً”.
ورداً على سؤال آخر، قال: “كما قلت، محصّن اممياً واميركياُ، وبالتالي لا يستطيع ايّ طرف سواء لبنان او اسرائيل، تعطيل الاتفاق، فضلاً عن انّ كلا الجانبين في حاجة ماسة اليه، وانا مدرك انّ حاجة لبنان الى هذا الاتفاق، هي اكبر من حاجة اسرائيل اليه، إذ أنّه سيفتح امامه آفاقاً ينتظرها منذ امد بعيد، وتتعلق بالمخزون النفطي والغازي الذي يشكّل بالنسبة اليه عاملاً جوهرياً ومساعداً للخروج من ازمته الاقتصادية والمالية”.
وخلص المسؤول الدولي الى القول: “انّّ الاتفاق الحدودي بين لبنان واسرائيل، يشكّل عامل استقرار على جانبي الحدود بين البلدين. واتفاق الجانبين على بدء المفاوضات لبلوغ هذا الاتفاق، تعكس بشكل جلي رغبة الجانبين بعدم التصعيد او الدخول في مواجهة”.
فضائح
اقتصادياً ومعيشياً، يبدو البلد عالقاً في حقل من الفضائح، حيث بدأت مفاعيل رفع الدعم تتفاعل في الاسواق قبل أن يبدأ تنفيذ القرار. وكأنّ المقصود اليوم تحضير الاجواء لكي يشعر المواطن بالذلّ ويصبح جاهزاً لمواجهة تداعيات وقف الدعم، والتي ستنعكس حتما ارتفاعاً دراماتيكياً في اسعار كل السلع، وستصبح قدرات الناس على توفير الحد الأدنى من العيش الكريم محدودة. لكن المشكلة لن تتوقف عند هذا الحدّ، لأنّ دولار السوق السوداء بدأ يرتفع دراماتيكياً وكأنّه يعطي اشارة مسبقة الى ما سيكون عليه الوضع بعد رفع الدعم. وقد لامس امس عتبة الـ8600 ليرة.
توزّع المشهد حالياً بين مجموعة أزمات متراكمة، من أخطرها أزمة المحروقات وأزمة الدواء. بعض المحطات أغلقت بالكامل، محطات أخرى فرضت تقنيناً ذاتياً في توزيع البنزين. كذلك بدأ الدواء ينفد في الاسواق. لكن الأدهى، انّ الحس الوطني غائب، والفساد ينتشر على كل المستويات، والأجهزة الرسمية عاجزة عن فرض القوانين. وبعد فضيحة استمرار تهريب المحروقات المدعومة الى سوريا، وفضيحة التخزين لتحقيق ارباح اضافية، برزت امس فضيحة الدواء. وقد كشف النائب ميشال الضاهر ما يجري في قطاع استيراد الدواء. وتساءل في تغريدة، “الى متى يقوم مستورد الدواء بإيداع 150 مليون ليرة في حسابه، يتمّ تحويل هذا المبلغ الى المورّد بما يعادل 100 الف دولار بالسعر الرسمي، يحصل المستورد على عمولة 30 بالمئة أي 30 الف دولار، أي ما يعادل 250 مليون ليرة، وبهذه العملية يكون قد استحصل على الدواء مجاناً، بالاضافة الى مبلغ 100 مليون ليرة”.
هذه الفضيحة، اذا ما أُضيفت الى فضيحة تهريب المحروقات، والى فضيحة استخدام الطحين المدعوم المخصّص للخبز، لصناعة الحلويات وتحقيق ارباح كبيرة، كل ذلك يدل الى حجم الهدر في الدعم، والى غياب الضمير لدى قسم كبير من المستوردين والتجار الذين يستغلون الدعم لتحقيق ارباح خيالية غير مشروعة.
لكن هذه الفوضى لا تبرّر رفع الدعم عشوائياً، وترك الناس لمصيرهم. ويبدو من خلال المواقف المعارضة لوقف الدعم التي تظهر تباعاً، انّ البلد سيكون في مواجهة عاصفة هوجاء، ستترك آثارها التدميرية على المجتمع.
سلامة
الى ذلك، رأى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أنّ “الاقتصاد يعاني من مشاكل كبيرة مع غياب كامل لأية معالجات”. واشار سلامة خلال اللقاء الشهري بين مصرف لبنان وجمعية المصارف، الى أنّ “الخزينة العامة تعاني كما الاقتصاد، وانّه أبلغ الحكومة بعدم المس بالاحتياطي الإلزامي لديه بالعملات الأجنبية لأغراض الدعم، ما يتيح الدعم عملياً لشهرين أو ثلاثة أشهر للمواد الأساسية وتحديداً المحروقات والقمح والدواء بسعر صرف 1500 ليرة للدولار وللمواد الغذائية بسعر صرف 3900 ليرة للدولار.
وشدَّد سلامة على “ضرورة التزام المصارف مضمون التعميم 154 والذي هَدِفَ من جهة أولى إلى إعادة تكوين السيولة الخارجية ولدى المصارف الإمكانية لتكوين 3% بالشكل المناسب. لافتاً الى أنّ “الالتزام بنسب إعادة التحويل (15% للزبائن و30% للـ PEP) تساهم بدورها في تقوية السيولة”. ورأى سلامة أنّ “الأزمة الحادة باتت وراءَنا، وأنّ مصرف لبنان ولجنة الرقابة سيقومان بكل الإجراءَات المتاحة قانوناً، وذلك لإعادة تفعيل مساهمة القطاع في تمويل الاقتصاد. فالرسملة والسيولة أساسية لتمويل الاقتصاد واستمرارية القطاع ترتبط بقدرته على تجديد نفسه”.
ولفت سلامة الى “أنّ مصرف لبنان كان قد أصدر تعميماً بهذا الخصوص والمطلوب التقيّد به”. ورأت الجمعية أنّه “ورد في الأسباب الموجبة للقانون الذي أقرَّه المجلس النيابي، أنّ مصرف لبنان سيدعم الدولار الطلابي كما القمح والدواء”. ورأت كذلك “ضرورة إيجاد آلية مركزية لئلا تتمّ اساءة استعمال القانون باللجوء إلى أكثر من مصرف من قبل ذوي العلاقة”. وتمَّ التوافق على انتظار التعميم التطبيقي لتوضيح كافة هذه الجوانب، والذي من المفترض أن تصدره وزارة المالية.
كورونا
على الصعيد الصحّي، يتعاظم هاجس “كورونا” على مدار الساعة، مع دخول لبنان مرحلة التفشّي المجتمعي لهذا الوباء الخبيث، وعلى نحو لم يعد في الامكان اللحاق به واحتوائه. وهو امر يفاقم من حجم المخاطر التي يرخيها هذا الامر على حياة اللبنانيين. وفي وقت بدأت فيه عدادات الاصابات بهذا الوباء، تقترب من عتبة الـ1500 اصابة يومياً، وهو النتيجة الطبيعية لحال الاستهتار الشامل، بلا أي ضوابط، توشك عشرات المناطق والبلدات والقرى اللبنانية لأن تصبح منكوبة لاستفحال الوباء فيها وظهور مئات الحالات، وهو الامر الذي دفع بوزارة الداخلية الى اصدار جدول بهذه المناطق، واقفالها وعزلها بالكامل، كإجراء احترازي، لعلّه يؤدي الى احتواء الفيروس والتقليل من عدد الحالات المتزايدة.
وفيما اكّدت مصادر وزارة الداخلية لـ”الجمهورية”، انّ تعليمات مشدّدة قد اعطيت للاجهزة الامنية في التشدّد بتطبيع الاجراءات الجديدة، حذّرت مصادر وزارة الصحة مما سمّته انفجاراً وبائياً خطيراً فيما لو استمر تراخي المواطنين امام هذه الجائحة، وعدم تقيّدهم بالإجراءات الوقائية المطلوبة منهم سواء بالالتزام الكلي بالكمامة، وبالتباعد وعدم الاختلاط، حفاظاً على سلامتهم وسلامة مجتمعهم. ورداً على سؤال عمّا اذا كان هناك توجّه للاقفال من جديد، لفتت المصادر الى انّ اي اجراء يمكن ان يساهم في احتواء الوباء، لا بدّ من اتخاذه اياَ كان نوعه، ولكن المهم قبل كل شيء هو تجاوب المواطنين مع الاجراءات والالتزام بها.
المصدر: الجمهورية