هل كان يعلم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنه خلال عهده ستقع كل هذه الكوارث دفعة واحدة،
من الكارثة المالية والإقتصادية إلى أزمة الثقة بين الشعب والسلطة، والذي تُرجمت بـ”ثورة 17 أكتوبر”، إلى أم الكوارث،
أي إنفجار المرفأ نتيجة الفساد المستشري في كل مكان، إلى الأزمات الحكومية المتتالية، خصوصًا أن نصف العهد كان بلا حكومات، ولذلك ألف سبب وسبب،
أقله ما يُقال عن تجاوز الدستور ومندرجاته وعدم إحترام صلاحيات كل من الرئاسات الثلاث، بحيث إختلط الحابل بالنابل، ولم نعد نعرف ما هي صلاحيات رئيس الجمهورية المتبقية له، .
وما هي صلاحيات رئيس الحكومة؟
ولو سئل اليوم الرئيس عون إلى أين نحن سائرون لأتى جوابه متطابقًا مع جوابه العفوي، والذي حاول البعض التخفيف من واقعيته بالقول إن تعبير “جهنم” كان زلة لسان.
لا يُقنعنا أحد أن مسؤولًا كالرئيس عون، الذي خبر الحياة السياسية من تحت ومن فوق، لم يكن يقصد ما قاله.
ولو أتيح لنا الدخول إلى أحاديثه الخاصة مع أقرب المقربين إليه في جلسات التقييم لكنا سمعنا من الرجل في السرّ أكثر مما سمعناه علنًا، خصوصًا أنه يبدو غير مرتاح إلى ما آلت إليه الأوضاع،
وهو الذي أتى تحت مسمّى “الرئيس القوي”، ليس إكمال عدد بل كان من أساسات مشروعه إجراء عملية إصلاح وتغيير في الذهنية اللبنانية قبل أن يكون ذلك على الورق وبالقلم،
لكن الحظ عاكسه، وسيقال أنه في عهد فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حصل كل الذي حصل،
وقد بات اللبناني يشتهي ألف مرّة المغامرة في عمق البحار على أن يعيش عيشة الذل التي يعيشها في الظروف الصعبة التي يمرّ بها الوطن.
يكفي أن نلقي نظرة على الطوابير الطويلة أمام السفارات التي تفتح أبوابها للهجرة حتى نكتشف عمق الأزمة التي يعيشها اللبنانيون،
الذين لم يبق لهم ما يشدّهم إلى وطن الأباء والأجداد، وتكاد فسحة التفاؤل لدى الكثرة الساحقة تختفي لتحلّ مكانها سوداوية معبّرة، على رغم ما نسمعه بخجل من بعض الذين لا يزالون متفائلين بأن المستقبل سيكون أفضل.
هل نحن ذاهبون إلى “جهنم” أم أننا نعيش بالفعل في قلب هذا الجحيم، الذي يعجز اللسان عن وصف مآسيه؟
ثمة من يقول إننا لا نعيش حتى نتمكّن من التمييز بين “جهنم” الحقيقية وبين ما يُخيّل لنا بأنها كذلك، بعدما أصبحنا أبطالًا في لعبة تضييع الفرص، وآخرها كانت المبادرة الفرنسية،
التي يُقال إنها لا تزال قائمة ولكن ليس بالزخم والحماسة اللتين كانتا عليه يوم تمّ التوافق على إسم الدكتور مصطفى أديب لتشكيل حكومة إنقاذ، وليس حكومة الخيارات التي تخيف حتى “حزب الله“.
فهل في إستطاعة المسؤولين، الذين يراهن بعضهم على بعض المتغييرات المحتملة في السياسة الأميركية الخارجية تمامًا كمن يصطاد سمكًا في بحر هائج،
أن يتفقوا على إسم جديد ليُكّلف مغامرة تشكيل حكومة جديدة؟
المصدر: لبنان 24