“انتفضت” قوى الأكثرية النيابية ضدّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد خطابه “الهجومي” الأخير الذي استعار فيه شعار “الثورة”، “كلن يعني كلن”، ليحمّل الطبقة السياسية مجتمعةً مسؤولية إفشال مبادرته لتشكيل حكومة جديدة.
وفي اليوم نفسه، خطابٌ للأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله خُصِّص الحيّز الأكبر منه للردّ على ماكرون، ورفض لهجته “الاستعلائية”، أو نيّة تحويله، من قبل البعض، إلى “وصيّ” جديد على البلد، تحت أيّ ظرفٍ من الظروف.
غير موحَّدة!
“انتفضت” قوى الأكثرية، متفرّقةً أو مجتمعةً، ضدّ “اتهامات” الرئيس الفرنسيّ، متصدّيةً أيضاً لمنطق “الانقلاب” على نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة،
ما دفع البعض إلى التساؤل عمّا إذا كانت في وارد “استعادة زمام المبادرة”، انطلاقاً من كونها صاحبة “الشرعية الشعبية”.
المشكلة أنّ مثل هذا “الطموح” يصطدم بعوائق بالجملة، أولها أنّ هذه القوى أصلاً “غير موحّدة” في الرأي إزاء المبادرة الفرنسية.
فباسيل مثلاً، ومعه رئيس الجمهورية ميشال عون، لا يقف في الصفّ نفسه مع “الثنائي الشيعي”،
بل هو اصطفّ “ضدّه” في مطالبه الحكوميّة، التي عطّلت المبادرة، وأولها تكريس “العرف” القائل بأنّ “حقيبة المال لنا”.
ومع أنّ السيد نصر الله “تعمّد” إرسال إشارة إيجابية إلى عون، برفض “مصادرة صلاحيات” رئيس الجمهورية، من خلال المبادرة الفرنسية، فإنّ غياب الاتفاق بين قوى الأكثرية في الملف الحكوميّ يبقى سارياً،
في ظلّ اتهاماتٍ يوجّهها محسوبون على “الثنائي” لباسيل مثلاً، بـ “استنساخ” الخطاب الفرنسيّ، ولو أنّهم يبرّرونها بخشية الرجل من سيف العقوبات المُسلَّط على رأسه.
لا “انتفاضة” ولا من يحزنون!
لكن، أبعد من غياب “التوافق” بين قوى الأكثرية، ثمّة من يؤكّد أنّ فكرة “الانتفاضة” وصولاً إلى استعادة زمام المبادرة، ليست مطروحة بين أركانها أصلاً، بل إنّ بعض هؤلاء يشعرون أنّ إبقاء الأمور على حالها من المراوحة،
وربما “الفراغ”، يبقى أفضل من أيّ خطوةٍ يمكن أن “تستفزّ” البعض في الداخل أو الخارج.
وإذا كان أصحاب وجهة النظر هذه ينطلقون من “الخصوصية اللبنانية” لتبرير موقفهم،
بدليل ركون قوى الأكثرية إلى “خيار” رؤساء الحكومات السابقين في تسمية أيّ رئيس حكومة، انسجاماً مع مبدأ “الميثاقية” الذي تصرّ على احترامه،
فإنّ ثمّة من يذهب أبعد من ذلك بالقول إنّ هذه القوى سبق أن “جرّبت” ممارسة دورها، وهي لا تزال حتى اليوم تلملم ذيول “الخيبة” التي أصيبت بها، ولم تنتهِ فصولاً.
ويشير هؤلاء تحديداً إلى تجربة حكومة حسّان دياب، التي “طيّرتها” قوى الأكثرية نفسها التي جاءت بها،
بعدما أدركت أنّها تحوّلت إلى “نقمةٍ” عليها، نظراً لـ “الحصار الدولي” الذي اصطدمت به، وكان “العهد” نفسه أكبر المتضرّرين منه. وبالتالي، ترفض هذه القوى مجرّد التفكير بإعادة إنتاج حكومة جديدة،
ولو بوجوه أكثر “استقلالية” من وجوه حكومة دياب، نتيجة اعتقادها، أو ربما “يقينها”، بأنّها ستلاقي المصير نفسه.
لا تريد قوى الأكثرية أن تستعيد زمام المبادرة اليوم. برأيها، إنتاج حكومة شبيهة بحكومة حسّان دياب قد لا تكون سوى “الطريق الأسرع” نحو “جهنّم” التي حذّر منها رئيس الجمهورية.
لكنّها لا تريد أيضاً أن “تخضع” للشروط والإملاءات. وبالانتظار، يبقى الفراغ برأيها “أهون الشرَّيْن”؟!
لبنان24