من المشكلات الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد العالمي، مشكلة ارتفاع مستوى ديون الدول المتقدمة، وقد تفاقمت أزمة الديون جراء جائحة فيروس كورونا.
في تقرير نشرته مجلة “موي نيغوثيوس إي إيكونوميا” (Muy Negocios & Economia) الإسبانية، يقول الكاتب “فيرنانديز إينريكيز” إن مستوى الدين العام يعد أحد أهم معايير الاقتصاد الكلي التي تراقبها المؤسسات المالية عن كثب، وأحد أكثر المؤشرات إثارة للجدل بين الخبراء.
يتكون الدين السيادي بسبب تراكم العجز في الموازنة العامة، أو بعبارة أخرى، حين يستمر الأداء السلبي لعدة سنوات، ويكون حجم الإنفاق الحكومي أكبر من موارد الدولة، فقد ينتج عن تفاقم مستوى الدين العام إعلان الدولة حالة الإفلاس، لكن هذا الأمر قد لا ينطبق على كل الدول كما يوضح الكاتب، ومن بينها اليابان التي تبقى من أقوى الاقتصادات في العالم على الرغم من أنها الأولى حاليا في نسبة الدين العام.
وتعتمد نظرية الدين العام على ما يُعرف بـ”نموذج الأجيال المتداخلة”، ومعناه ببساطة أن الأجيال الحالية تستفيد من الدين العام على حساب الأجيال القادمة، لكن يمكن أن تُعوّض الأجيال القادمة تلك الخسارة من خلال استفادتها من تقدم البلاد وتحسن مستوى الإنتاج الذي يسمح بتراكم الثروة وسداد الديون.
ويرى “الكلاسيكيون الجدد” أن الديون تفرض عبئا على الأجيال القادمة، بسبب تأثير المزاحمة الاقتصادية في مجال الاستثمارات الخاصة، إذ يقلل إصدار الدين العام من التدفقات الاستثمارية، ويقلص تراكم رأس المال ويجعل الاستثمار أكثر تكلفة من خلال رفع أسعار الفائدة.
ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، من المنتظر -بسبب أزمة كورونا والجهود التي تبذلها الحكومات للتخفيف من تداعياتها الاقتصادية، والانخفاض الحاد في الموارد المالية- أن ترتفع نسبة الدين العام العالمي لأول مرة إلى ما فوق 10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وفيما يلي، يستعرض الكاتب قائمة الدول الأكثر مديونية في العالم خلال العام الماضي:
لبنان
يعتبر الفساد المستشري في مؤسسات الدولة وارتفاع نسبة التضخم، السببين الرئيسين في ارتفاع مستوى الدين العام في لبنان بنسبة 147%، بحسب الكاتب.
في أوائل آب، أعلن رئيس الوزراء أنه لأول مرة في تاريخ البلاد، لن تتمكن الحكومة من دفع مبلغ 1063 مليون يورو المستحق لسندات اليوروبوند، ويرجع ذلك إلى أن احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي وصلت إلى أدنى مستوياتها. وفي العام الماضي، وصلت الديون السيادية في لبنان إلى أكثر من 90 مليار يورو، أي ما يعادل 13 ألف يورو لكل مواطن.
اليابان
تتصدر اليابان قائمة الدول الأكثر مديونية في العالم، حيث بلغت نسبة دينها السيادي 238% من ناتجها المحلي الإجمالي، حوالي 9.8 تريليون دولار، وهو ما يساوي 77 ألف دولار لكل مواطن ياباني.
اليونان
بلغت نسبة ديون اليونان السيادية 182%، حيث ارتفع مستوى ديونها بشكل كبير أثناء الأزمة الاقتصادية لعام 2008، واقترضت الحكومة من الاتحاد الأوروبي 3 مرات بين عامي 2010 و2015، وبلغ معدل ديون اليونان في عام 2019 حوالي 331 مليار يورو، أي ما يعادل 31 ألف يورو لكل مواطن.
إيطاليا
بلغت نسبة مديونية إيطاليا 132%، فقد دخلت إلى الاتحاد الأوروبي بمستوى عال من المديونية، وكانت هذه القضية مصدر قلق دائم للمفوضية الأوروبية، وخاصة وزراء المالية الألمان، ونتيجة للأزمة الاقتصادية عام 2018، زادت ديون إيطاليا بنسبة 30%.
وتشير التقديرات إلى أنها سترتفع إلى حدود 180% بسبب جائحة فيروس كورونا، وحاليا تقدر ديون إيطاليا بحوالي 2.4 تريليون يورو، وهو ما يعادل حجم الاقتصاد الفرنسي.
البرتغال
إن العجز الكبير في الموازنة العامة للبرتغال، بنسبة بلغت 11%، أجبر الاتحاد الأوروبي على التدخل لإنقاذ البلاد في عام 2011، وعانت البرتغال أيضا من أزمة اقتصادية ثانية بين عامي 2014 و2015.
ومنذ ذلك الحين، تغير الوضع الاقتصادي في البرتغال إلى الأفضل، مما جعل صندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية يتحدثان عن “معجزة برتغالية”.
وتعتبر البرتغال حاليا من البلدان الناجحة اقتصاديا كما يؤكد الكاتب، خاصة مع انخفاض مستوى العجز، والمؤشرات الواعدة بانخفاض الديون في السنوات القادمة، لكن في الوقت الحالي، تصل نسبة ديون البرتغال إلى 126% وتقدر بـ250 مليار يورو، أي ما يعادل 24 ألف يورو لكل مواطن.