إذا احتسبنا مهلة ما بين 4 و6 أسابيع، التي أعطاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس، نجد أنها تنتهي في 8 تشرين الثاني القادم، أي بعد خمسة أيام من انتهاء الإنتخابات الرئاسية الأميركية. ولكن قد لا تكون السّخرية “المُمانِعَة” من ماكرون مُمكنة، من باب استغلال تلك المهلة لترك التشكيلة الحكومية الجديدة الى ما بين 4 و8 تشرين الثاني القادم، أو ربما الى منتصف ليل 8 – 9 تشرين الثاني، وهو ما يعني تجميد كل بنود المبادرة الفرنسية الى ما بعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية.
فالتشكيل الحكومي قد يكون مطلوباً في الأسبوع الرابع، أي بحدود 25 تشرين الأول تقريباً، مقابل إطلاق قطار الإصلاحات المطلوبة من لبنان دولياً، بين 25 تشرين الأول و8 تشرين الثاني.
فماكرون، ومن خلال الكلام الذي قاله أمس، أكد أن ممارسة “المُمانَعَة” أدوار الضحيّة، وتحميل الآخرين مسؤولية فَشَل المبادرة الفرنسية لم يمرّ، تماماً كما لم يمرّ أيضاً تحميل “المُمانعين” فرنسا مسؤولية كشف المقاومة.
فهذه معادلات غير صالحة للإستهلاك فرنسياً، ولا بدّ من الإشارة الى أن باريس ليست هنا لخدمة المقاومة، ولا هي موظّفة لديها، ولا لخدمة أي طرف لبناني آخر، بل لرعاية المصالح الفرنسية في لبنان والمنطقة، ولمنع تلاعُب إيران وتركيا بالتوازُنات الإقليمية – الدولية، من خارج أي إجماع دولي. وهو دور منطقي، يُمكن لأي قوّة دولية أن تقوم به، في شكل يحفظ حقوق الجميع، ويمنع أي جهة من التفرّد في أي ساحة من الساحات.
رأى مصدر مُواكِب لملف تشكيل الحكومة أن “المهلة الجديدة التي أعطاها ماكرون تقوم على أنه إما يتمّ تشكيل حكومة مقبولة، مع البدء بالإصلاحات، أو ستتغيّر مقاربة فرنسا والمجتمع الدولي السابقة كلياً، والتي كانت هادئة في مرحلة ما بعد انفجار 4 آب الماضي، وستكون أقسى”.
ولفت في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أن “القساوة الفرنسية بَدَت واضحة من خلال الإصرار على عدَم ترك لبنان، وعلى مساعدته بعيداً من القنوات الرسمية، أي عبر المؤسّسات الدولية والمنظمات غير الحكومية. فمؤتمر الدّعم للبنان مستمرّ، وسيُعقَد بتشكيل حكومة أو من دون ذلك، وهو ما يعني أن الطابة الحكومية باتت في ملعب القوى اللّبنانية لتشكيل حكومة يمكنها مواكبة المجتمع الدولي، ولكن دون أن يكون ذلك موضع ابتزاز للمجتمع الدولي نفسه. فالنشاط الفرنسي في لبنان سيستمرّ، والإهتمام الدولي باقٍ فيه أيضاً. و”مجموعة الدعم الدولية” ستجتمع، وستُعيد التذكير بالمواقف التي أطلقها الرئيس الفرنسي، كدعم لها. ولا يُمكن بعد الآن إلا التحرّك ضمن هذا السّقف”.
وردّاً على سؤال حول ما إذا كان هذا المسار الفرنسي، هو بطاقة حمراء في وجه الإحتلال الإيراني للبنان، ورسالة لطهران بأنه لا يُمكنكِ وضع يدك على لبنان، مهما أبقيت الأوضاع على Rien ne bouge، أجاب المصدر:”نعم. فمهما لفّوا وداروا، لا يُمكن ضخّ الدولار في لبنان إلا من بوابة شروط المبادرة الفرنسية، المنسّقَة مع الأميركيين، وكما هي، والتي لم يُدخِل ماكرون بكلامه أمس أي تعديل ولو على نقطة واحدة فيها”.
وأضاف:”ماكرون كان واضحاً بأنه لا يُمكن لـ “حزب الله” أن يُترجم فائض قوته العسكرية في سوريا والمنطقة، بمكاسب سياسية لبنانية. وهو (ماكرون) بدا مُعوّلاً على رأي عام دولي، وعلى ضغط دولي يدعمه، في مواجهة “الحزب” في لبنان”.
وختم:”فرنسا دولة لديها مصالحها في المشرق العربي، ولبنان إحدى الحدود الجنوبية لأوروبا، حيث التواجُد الأميركي أيضاً، وهو ما يعني أنه لا يُمكن لإيران أن تستفرد بالمنطقة هنا”.
المصدر: أخبار اليوم