المصدر: International Scopes – سكوبات عالمية | شادي هيلانة
كرامة اديب فوق كل اعتبار.
هذا الرجل الدبلوماسي الداخل مؤخراً الى نادي وحوش السياسة، بات مدركاً ان مهمته صعبة للغاية، وفي رأس الرجل خطة جدية لتحسين الاحوال، فهو يريد حكومة وطنية رغم القرارات الصعبة ، لا بد وأن تحظى قراراتها بإجماع لبناني، حتى لا تصبح محرقة ويكون مصيرها كمصير حكومة سعد الحريري الأخيرة وحكومة حسان دياب، أي السقوط في الشارع، وهو ليس مستعداً ليتحمل وحده هذه المسؤولية. ثمة شراكة وطنية هي شرط أساسي لنجاح المبادرة الفرنسية.
الفرنسيون ألقوا بثقلهم في الساعات الأخيرة لبنانياً. لم تهدأ إتصالاتهم مع كل القوى السياسية اللبنانية. لسان حالهم دعوة الجميع إلى التسهيل والإلتزام بالتعهدات التي أعطيت لرئيس فرنسا إيمانويل ماكرون في جلستي قصر الصنوبر. إذا فشل خيار مصطفى أديب، بات الفرنسيون يملكون “الخطة باء”وهم يتكتمون على تفاصيلها.
فبعد بيان الرئيس سعد الحريري حول تسمية شيعي لوزارة المال، سُجّل تطور لافت تمثّل بلقاء جمع الرئيس المكلّف مصطفى أديب مع الخليلين أي المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل اللذين حملا مجموعة أسماء لتولي وزارة المال والوزارات العائدة للطائفة الشيعية، وتمسّكا بأن يكون لرئيس الجمهورية ميشال عون الدور الرئيسي في التشكيلة، وطرحا علامة استفهام حول الثلث المعطّل ومن يضمن عدم التفرّد في القرارات استناداً إلى الدعم الدولي.
وتشير مصادر مطلعة بأن اديب سأل الخليلين خلال اللقاء إذا كانا يمانعان أن يسمي هو من خارج اللائحة التي بحوزتهما، فكان جوابهما نفسه الذي كان قد سمعه كل من ماكرون وسعد الحريري.
أن لا تنازل عن السقف الذي صار يعرفه القاصي والداني. “الثنائي”سيسمي الوزراء الشيعة الثلاثة، ولرئيس الحكومة المكلف أن يستخدم حق “الفيتو” على أي إسم، وعندها سيجري تقديم أسماء جديدة، حتى يتم التفاهم بين الطرفين.
العين شاخصة اليوم الى قصر بعبدا، فاذا كان هناك تقدم سيتوجه اديب الى هناك للتشاور مع رئيس الجمهورية ميشال عون، وهو الأكثر إدراكاً لمعنى مقاطعة طائفة بكامل نوابها لحكومة ما، مشاركة ومنحاً للثقة، ورغم أن عون سيكون محرجاً مع الفرنسيين، في ظل تأكيد عدد من المحيطين به ان المبادرة الفرنسية هي الفرصة الاخيرة لإنقاذ العهد، إلا أن مقربين منه يجزمون بأن حكومة الامر الواقع لن تُبصر النور، سواء بعدم صدور مراسيم تأليفها، أو بعدم منحها الثقة لأنها ستكون “مناقضة للميثاقية” التي لطالما نادى رئيس الجمهورية باحترامها. وتؤكد المصادر أن تكتل لبنان القوي لن يمنح الثقة لحكومة يقاطعها ويرفض منحها الثقة جميع نواب طائفة، لأسباب عديدة، أبرزها أن حكومة مماثلة تعني عزل مكوّن طائفي، مما يفتح الباب امام توترات داخلية على كافة المستويات.
بالفعل مسكين مصطفى اديب ، هذا الشخص “المرتب المهذب ” وجد نفسه امام مشاكسة سياسية لا يعلم كيف بدأت وعلى ماذا تنتهي ، فكتاب الاعتذار بالدرج، لكنه اعطى لنفسه مهلة زمنية لا تتخطى عتبة كرامته ، فهو بين مطرقة وسندان نادي رؤساء الحكومات السابقين من جهة والثنائي الشيعي من جهة أُخرى، فمعنى الكرامة لديه أن يُقدم إعتذاره إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، والعودة فوراً إلى مركز عمله في برلين، سفيراً لبلده وعميداً للسلك الدبلوماسي العربي هناك، حيث الوظيفة النبيلة التي تشبهه.