على مدى الأشهر الماضية سعى الأميركيون لحسم ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة وإنجاز هذه القضية العالقة والحساسة. فالمنطقة المتنازع عليها بين لبنان والإسرائيليين تشمل البلوكات 8 و9 و10، التي تضم، بحسب الدراسات، كميات وافرة من النفط والغاز الطبيعي، وكذلك المنطقة المقابلة من الجانب الاسرائيلي.
مصادر أميركية مُطّلعة على ملف ترسيم الحدود قالت لـ”أساس” إنّ الأيّام الأخيرة شهدت خرقًا إيجابيًا على صعيد الترسيم، حيث إنّه من المُتوقّع من مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشّرق الأدنى ديفيد شينكر بيروت خلال الفترة المُقبلة أن يأتي بزيارة سياسية يلتقي خلالها المسؤولين اللبنانيين، ويُتوقّع أن يعود مع خطوة لبنانية مهمّة تتعلق بالترسيم، قد تُفضي إلى بدء مفاوضات في منطقة رأس النّاقورة الحدودية.
المصادر كشفت لـ”أساس” أنّ الجهود حتّى السّاعة أثمرت عن إعلان يُرتقب الكشف عنه مع زيارة شينكر المُتوقّعة عن بدء “مفاوضات رباعية” في الناقورة تضم عسكريين ودبلوماسيين لبنانيين وإسرائيليين بوساطة الأمم المتحدة، ويتوقّع أن يُمثلها اليونيفيل، كما هو حال اللقاءات الثلاثية، وأنّ الولايات المتحدة ستشارك في اللقاء بصفة “مراقب”. بالتوازي أكّدت المصادر أنّ واشنطن تتابع الخطوات اللبنانية عن كثب دون أن تغفل “المراوغات” اللبنانية التي مورست كثيرًا من الجانب اللبناني على مدى الأشهر الماضية، وتتحسب من أن يتم اتخاذ أي خطوات أو اجراءات تستهدف عرقلة هذا الملف. وأشارت المصادر نفسها إلى أنّ الإسرائيليين جديين إلى أقصى الحدود في نيّتهم البدء بعمليات التنقيب في المنطقة الحدودية بحال مضى لبنان بطريق الترسيم أم لا.
وأضافت المصادر أنّ ترسيم الحدود في نهاية الأمر هو مصلحة لبنانية، حيث إنّ لبنان بحاجة ماسّة للاستفادة من ثروات البحر المتوسّط، وهذا ما سينعكس إيجابًا في حينه على لبنان وعلى المدى الطويل، مستغربة ممطالة اللبنانيين بانجاز هذا الملفّ خصوصًا مع وضعه المتردّي والذي يزداد تأزّمًا يومً بعد يوم. وعن موضوع ترسيم الحدود البرّية، قالت المصادر إنّ الموضوع قيد الدّرس، لأنّ الإدارة الأميركية تنتهج أسلوب سحب “الذرائع” من حزب الله للإبقاء على سلاحه، رافضةً الخوض في تفاصيل الترسيم البرّي لحين اتضاح الصوّرة أكثر وأكثر مع الأسابيع المُقبلة.
وتشير المعلومات من وزارة الخارجية الأميركية إلى أنّ العقوبات التي طالت وزير المال السّابق علي حسن خليل أعطت زخمًا على صعيد اتصالات ترسيم الحدود حيث عرف الجانب اللبناني مدى جدّية الأميركيين في التعاطي مع لبنان بأسلوب جديد لا سكوت فيه بعد اليوم ومدى أهمية انجاز ملف ترسيم الحدود البحرية بأسرع وقت ممكن، وكذلك الأمر في لقاء المساعد ديفيد شينكر بمستشار الرئيس نبيه برّي علي حمدان أثناء زيارة الأوّل إلى بيروت مطلع الشّهر الجاري.
فإذًا، بدأت الولايات المتحدة مرحلة جديدة من سياسة “الضغط الأقصى” التي تتبعها مع إيران وحلفائها، وبات واضحًا أنّ لبنان صار في عين العاصفة الأميركية. كما أشارت معلومات خاصة بـ”أساس” إلى أنّ لوائح العقوبات الأميركية تضم عشرات أسماء شخصيات وكيانات وجمعيات لبنانية من توجهات سياسية عديدة ومختلفة سيتم الإعلان عنها كما تقتضي المصلحة الأميركية. وأشارت المعلومات إلى أنّ عددًا من المسؤولين الاميركيين البارزين تلقوا اتصالات خلال الأيام الماضية من شخصيات سياسية لبنانية لاستطلاع أجواء الأسماء التي من الممكن أن يتم الإعلان عنها في المراحل المُقبلة. وبعض هذه الشخصيات أرسلوا وعودًا للأميركيين بأنّهم سيقومون بـ”تصرّفات وأفعال” تُظهر تغيّر أسلوب تعاطيهم مع حزب الله وإن وصلت الأمور لفكّ الارتباط السياسي وغير السياسية بالحزب في مُقابل أن لا يتم إدراجهم على لوائح الإرهاب أو عقوبات محاربة الفساد أو لوائح عقوبات قيصر…
المصدر: أساس ميديا