تزامن تقديم الرئيس المكلف الدكتور مصطفى أديب تصوّره الأولي لشكل الحكومة إلى رئيس الجمهورية، الذي قيل إنه ستكون له ملاحظات أولية عليه بعدما أطلع من موفده إلى باريس اللواء عباس أبراهيم، مع فرض وزارة الخزينة الأميركية عقوبات جديدة على كل من الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، التي تعتقد أنهما قدما ،
ولا يزالان، خدمات جلّى إلى “حزب الله”، مع إصرار فرنسي على عدم تخطي المهلة التي أعطاها الرئيس ماكرون إلى اللبنانيين، وهي تنتهي عشية عيد الصليب، مع فترة سماح قد تمتدّ ليومين لا أكثر ولا اقل،
حيث يُقال إنه بعد هذا التاريخ لا يعود ينفع الندم، لأن الآتي سيكون صعبًا جدًّا، وهو بدأ مع عيّنة من العقوبات، التي لا يُستبعد أن تطاول أيضًا بعض الشخصيات القريبة من العهد.
حتى الآن لا تزال عملیة التشكیل تسير ضمن المھلة التي حددھا الرئیس الفرنسي، والتي أرفقھا ببرنامج أو ورقة عمل قدمھا الى “أقطاب قصر الصنوبر”. وعلى رغم بعض التسريبات عن صعوبة في التشكيل فإن بعض المصادر لا يزال متمسكًا بفسحة من الأمل والتفاؤل بأن تبصر الحكومة الجديدة النور في منتصف الشهر الجاري، وبذلك تكون هذه الحكومة، في حال تشكيلها ضمن فترة السماح الفرنسية، أقصر حكومة من حيث التشكيل في تاريخ التشكيلات الحكومية، حتى في زمن الوصاية السورية.
وفي رأي هذه المصادر أن هذا التفاؤل مصدره بعض المعطيات، وهي تتلخص بالآتي:
– إن مفاعيل المبادرة الفرنسیة لا تتوقف عند حدود معينة، خصوصًا أن ثمة معلومات تشير إلى أن السفيرين إيمانويل بون وبرنار إيمييه على تواصل مستمر مع الرئيس المكلف، بالتوازي مع مروحة إتصالات يجريها الأخير بمختلف الفئات المؤثّرة في عملية التأليف، وذلك إفساحًا في المجال أمام تسهيل قيام حكومة إختصاصيين لا يكون فيها سياسيون تقليديون.
– إن قوة الدفع السیاسي التي جاءت بالرئیس المكلف مصطفى أدیب تنسحب على عملیة التألیف، في ظل الرسالة الفرنسیة القویة التي تلقاھا المسؤولون والسیاسیون من ماكرون والنصیحة التحذیریة من مغبة إضاعة الوقت وإهدار الفرصة الأخیرة المتاحة أمام اللبنانيين، التي قد يأتي الطوفان من بعدها، خصوصًا إذا لم يحسنوا الإستفادة منها.
– إن خطورة الأوضاع جرّاء تفاقم الأزمة الاقتصادیة والمالیة وتداعیات إنفجار المرفأ تحتّم على القوى السیاسیة التعامل مع المبادرة الفرنسية بشيء من السلاسة، مع العلم أن جميع هذه القوى وضعت مسبقًا في جو المساعي المبذولة من أجل قيام حكومة لا تشبه سابقاتها، وأن الطرق التي اتُبعت في تشكیل الحكومات السابقة لم تعد صالحة.
– إن طبیعة الحكومة الإنتقالیة مؤقتة وذات مھمة محددة لوقف الإنھیار وتمریر الوقت الضائع والذي يفصلنا عن الانتخابات الأمیركیة لتأمین مساحة إنتظار لھذا الإستحقاق المفصلي، بأقل خسائر ممكنة وبنسبة مخاطر متدنية بدل أن یكون إنتظارا مكلفا وعلى الساخن، وبالتالي فإن هذه الحكومة، كما يقول العارفون، لن تكون حكومة آخر العھد ولا حكومة الإشراف على الانتخابات النيابية، مبكرة كانت أم عادية.
– إن طبیعة المرحلة الإقلیمیة التي تشھد ھدنة وانكفاء في الصراع الأمیركي ـ الإیراني، بما في ذلك تأثيرها على الملعب اللبناني الداخلي من خلال اللاعب الفرنسي في ظل تقاطع أمیركي ـ إیراني على تسھیل مھمة قيام الحكومة الجديدة، مع ما لهذا الأمر من تاثير على “حزب الله”. فالأمیركیون منشغلون حالیا في انتخاباتھم ولا یجدون في لبنان ما یخدم حملة ترامب الانتخابیة وما یمكن أن یشكل “قیمة مضافة”، فيما يستمر الإیرانیون في سیاسة الإنتظار وتقطیع الوقت والتعاون مع الفرنسیین في الحد الكافي لقیام حكومة إنتقالیة.
فهل سيكون للبنان حكومة جديدة ام سنشهد مرحلة من تقطيع الوقت حتى تشرين الثاني المقبل؟