المصدر: International Scopes – سكوبات عالمية | شادي هيلانة
ان الجريمة المنظمة موجودة في معظم دول العالم، لكننا لن نجد دولة أخرى غير لبنان تعج بميليشيات ومجموعات مسلحة مستهترة ومنفلتة، بتحدٍ سافر وعلني للدولة.
من المعروف أن المشكلة الأمنية الأساسية في لبنان لا تكمن فقط في انتشار ظاهرة ” الإجرام العادي ” لعصابات الخطف والسطو و المخدرات، إنما في انتشار ظاهرة الميليشيات المسلحة والمدّججة بالأسلحة الخفيفة والثقيلة و المكاتب الفخمة والمعروفة عدا عن السيارات المظللة والموتسيكلات الخاصة بالخطف والاغتيال في الهواء الطلق وعلناً أمام المارة المذعورين بسبب علاقات هذه المافيا مع عصابات الإجرام.
لذلك ينبغي على “مصطفى أديب” اذا ابتسم له الحظ وألف حكومته المعقدة، وكان جدياً وعازماً و صادقاً بالفعل في نيته في بسط الأمن والنظام والأمان أن يقوم بإجراءات و خطوات أمنية راديكالية و صارمة تتمثل بقطع رؤوس أفاعي الميليشيات و المجموعات المسلحة، المستهترة و المستخفة بوجود الدولة أصلاً، دون أي تردد أو تراجع أو اعتبار سياسي أو مذهبي أم فئوي أو اقليمي.
أما ما حصل بالأمس القريب في طريق الجديدة، من إشكال مسلح بين مجموعة من الشبان استخدمت خلاله أسلحة رشاشة وقذائف آر بي جي، مما أدى إلى سقوط قتيل وجريحين تمّ نقلهم إلى المستشفيات، وسابقا اشتباكات خلدة بين عشائر العرب ، ومناصري حزب الله، كلها رسائل امنية بمضمون ساخن.
على الحكومة القادمة طرح ملف السلاح المتفلت، بعد أن أعاد إلى الذاكرة حقبة الفوضى التي كانت سائدة قبل سنوات على خلفية الملفات السياسية المتأزمة بين أركان السلطة، ما يطرح تساؤلات حول أسباب هذا الانفلات الأمني؟ وتوقيت اندلاعه.
لكن ماذا عن الاسباب الرئيسة لذلك ؟
– مرّ أكثر من 30 عاماً منذ أن أدت نهاية الحرب الأهلية في لبنان إلى ولادة ترتيب دستوري جديد يقسم السلطة بين الجماعات الدينية الرئيسية في البلاد. و أتت اتفاقية الطائف عام 1989 لتمنع أي طائفة من السيطرة على البقية.لكن في السنوات التي أعقبت ذلك، سيطر شلل مزمن، وانهيار اقتصادي أدّيا الى ولادة وحش برأسين تمثل بميليشيا قوية جمعت بين أدوار حزب سياسي شرعي ومافيا حاكمة تغذي الدولة.
كما ويدور جدل ساخن بين العديد من اللبنانيين حول أفضل السبل للتعامل مع هذا “الوحش”،يصرّ البعض على أنه لا يمكن تحقيق أي تقدم حتى يتم نزع سلاح الميليشيات. ويعتبر آخرون أن حزب الله قويٌ جداً لدرجة يبدو فيها التخلص من سيطرته على لبنان هو حلمٌ بعيد المنال إلا بمعجزة.
عموماً، إن ازدياد ظاهرة الموت العلني بسبب السلاح المتفلت والرصاص الطائش وحوادث الشغب، يستدعي تحركاً من قبل دولة تُتهم أن أمنها بالتراضي، ويوم أعلنت الحكومة اللبنانية عن نيتها جعل بيروت مدينة منزوعة السلاح، سارعت جهات حزبية إلى وأد هذا الاقتراح مبررةً ذلك بوجود مراكز أمنية لها في عدد من أحياء العاصمة.