“فيما توقعت مصادر عليمة ان تشكل الحكومة قبل انتهاء مهلة الأسبوعين التي حددها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون فهم ان باريس تدفع في هذا الاتجاه وان تكون الحكومة مصغرة ولا تضم سياسيين بل اختصاصيين. وأفادت معلومات ديبلوماسية ان الحدين اللذين تعمل عليهما باريس هما بين اعلان حكومة منتجة وفاعلة تتولى ترجمة الإصلاحات الحقيقية وبين الذهاب الى عقوبات لن تكون فرنسية بل أوروبية موحدة باعتبار ان فرنسا لا تقف وحدها في موقفها من لبنان بل يقف معها الاتحاد الأوروبي أيضا. اذ ان هذه العقوبات ستلحق بالعقوبات الأميركية التي بدأت امس مؤشراتها بما يؤكد التنسيق الجدي بين العاصمتين الفرنسية والأميركية، وان الرئيس الفرنسي حصل على ضوء اخضر كامل من الجانب الأميركي بالنسبة الى مقاربته الوضع في لبنان.
وفي هذه الأجواء اتخذ قرار وزارة الخزانة الأميركية امس بفرض عقوبات على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس دلالات بارزة. فمع ان الاجراء كان متوقعا فان الخزانة الأميركية بررت العقوبات على الوزيرين السابقين باتهامهما بدعم “حزب الله ” والتورط في ملفات فساد. وتوعدت بان واشنطن “لن تتردد في معاقبة أي فرد او كيان يدعم أنشطة “حزب الله”.
وفي غضون ذلك اشارت معلومات ديبلوماسية الى ان المسؤولين اللبنانيّن، لاسيّما منهم رئيس الجمهورية والرئيس المكلَّف، تبلغوا ان الاتصالات التي أجراها الرئيس ماكرون بالقيادة السعودية، ومستشاروه بالقيادة الإيرانية، تركت في قصر الاليزيه انطباعا بان السعودية كانت متجاوبة مع جهود الرئيس الفرنسي وتمنّت النجاح لدوره في دعم كل ما هو شرعي في لبنان، لكنها تتحاشى حاليًّا التورّط في التعقيدات اللبنانية. اما ايران فأبلغت مستشاري ماكرون أنها لا تتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية ولها الثقة بما يقرره “حزب الله”.
على هذا الأساس تولّى السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه الاتصال بـ”حزب الله” الّذي تحفظ عن الإجابة ريثما يطّلع على التشكيلة مكتملة، وشددّ على ضرورة التوفيق بين الخبرة والمعرفة السياسية. من جهة أخرى تبلغ كل من ديفيد هيل وديفيد شنكر الخطوط العريضة للمشاورات الفرنسية وأكّدا دعم الوساطة الفرنسية.
وإذ اعتبرت باريس مجمل الأجوبة إيجابية علم أن الثنائي إيمانويل بون وبرنار ايميه اللذين يتابعان هذه المهمة، يُطلعان تباعا الرئيس ماكرون ووزير الخارجية ايف لو دريان على مسار عملية التأليف. ومع ان الجانب الفرنسي ينفي التدخل في الأسماء، فان مصادر لبنانية مطلعة تقول أن فرنسا “جوجلت” حوالي 15 اسمًا للتوزير نصفها تقريبًا يعمل في الخارج ويعمل هؤلاء الأشخاص في قطاعات المصارف والصناعة والاتصالات والمواصلات والطاقة .
وعُلِم أن سبب تفضيل الإليزيه شخصيات من الخارج يعود أن الرئيس ماكرون وأعضاء الوفد الذي رافقه إلى بيروت لمسوا وجود حساسيات كبيرة، بل خلافات، بين وجوه الثورة والمجتمع المدني ما قد ينعكس على نسبة تأييد الحكومة الجديدة في الشارع. وذكرت المصادر أن الرئيس المكلّف ، الحريص على الإتيان بوجوه جديدة، هو في جو هذه الاتصالات المتقدمة وراض عنها، لكنه ليس متيقّنا بأن هذه الأسماء ستسلك في بيروت نظرًا لرغبة الأطراف السياسية الرئيسية في اختيار بعض الأسماء القريبة منها.”.