نشر “عربي بوست” تقريراً عن العراقيل الجديدة-القديمة التي تقف في طريق تأليف الحكومة الجديدة، متحدثاً عن تمسك القوى السياسية بحصصها في الوزارات، رغم المبادرة الفرنسية، التي تقتضي بخروج الأحزاب من الحكومة. وقال الموقع إنّ “حزب الله” مصرٌّ على أن يكون ممثَّلاً في الحكومة وتحديداً في وزارة الصحة.
وكتب الموقع يقول: “يعتبر حزب الله أن هذا الأمر أساسي بالنسبة إليه، ولا يمكن أن يتنازل عنه، من جانبه يتمسك الرئيس نبيه برّي بوزارة المالية؛ وهو الأمر الذي دفع رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، إلى التمسك بوزارتي الطاقة ووزارة الخارجية، أو التنازل عنها مقابل الحصول إما على وزارة الداخلية وإما على وزارة المالية، فيما حسمت أحزاب “القوات اللبنانية” وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي موقفها بعدم المشاركة في الحكومة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة”.
وأضاف: “تزداد الخلافات حول الوضع في مصرف لبنان، بسبب الضغوط التي يمارسها الرئيس ميشال عون وباسيل، ليكون الاتفاق على تغيير حاكم مصرف لبنان من ضمن سياق المفاوضات الجارية بعملية تشكيل الحكومة”. وفي هذا الإطار، نقل الموقع عن مصادر قولها إنّ باسيل حاول إقناع الرئيس إيمانويل ماكرون، بتعيين الوزير السابق منصور بطيش حاكماً لمصرف لبنان، لكن ماكرون قطع الطريق على باسيل بالقول إنه يرغب في تعيين المصرفي سمير عساف، مدير مصرف في باريس، بموقع الحاكم المركزي للمصرف.
توازياً، نقل الموقع عن مصادر مقربة من الرئيس المكلف مصطفى أديب تأكيدها لـ”عربي بوست”، أن “البعض لا يزال يرى الأمور من منظور مصالحه الضيقة في عملية تشكيل الحكومة رغم أن البلد وصل إلى مرحلة مفصلية بلغ معها اللبنانيون منعطفاً مصيرياً، حتى أصبحوا حرفياً أمام قضية حياة أو موت، في ظل تسارع الانهيارات الاقتصادية وإفلاس الشركات وغياب الدعم الخارجي للبنان”.
وتوضح المصادر أن أديب “لا يزال على اندفاعته وعلى الخطوط العريضة التي رسمها لشكل تشكيلته الحكومية، غير أن عراقيل عدة بدأت بالظهور تباعاً غداة إقلاع طائرة ماكرون من بيروت؛ لمحاولة منعه من ولادة تشكيلة اختصاصية مصغرة بعيدة عن أي تسييس أو محاصصة”.
وتؤكد المصادر أنّ “أصابع الاتهام يوجهها أديب إلى أطراف لطالما عرقلت وأخّرت تشكيل الحكومات من أجل تسميات وحصص وحقائب، لا سيما باسيل، الذي تبدو بصماته جليةً خلف إلحاح عون على مطالب معينة تطال شكل التشكيلة الحكومية وجوهر تركيبتها وإبداء عون رغبته في المشاركة في اختيار وزراء الحكومة، ما يعتبر مخالفة دستورية؛ لكون ذلك من صلاحيات الرئيس المكلف فقط”.
وتكشف المصادر أنّ أديب، الذي زار القصر الرئاسي في بعبدا منذ يومين؛ لبلورة آلية تسريع الولادة الحكومية، سمع كلاماً لا يوحي بالاستعجال في تشكيل الحكومة، بل فوجئ بأداء يرفض بعض طروحاته، ويفرض عليه طروحات معاكسة لما اتفق عليه أمام ماكرون، بحسب ما أورد “عربي بوست”.
وتشير المصادر، بحسب “عربي بوست”، إلى أن عون رفض تشكيل حكومة مصغّرة، وأعاد على مسامع الرئيس المكلف تكرار ما كان باسيل قد طالب به، من ضرورة أن يكون لكل حقيبة وزير وعدم دمج عدة حقائب بوزارة واحدة، وهذا ما يرفضه أديب. أما في موضوع المداورة فتؤكد المصادر أن إصرار بري، على حقيبة المالية أثار حفيظة باسيل، فخرج حينها بنظرية المداورة؛ لكي تُسحب هذه الحقيبة من يد الثنائي الشيعي، رداً على قبولهما بسحب حقيبتي الطاقة والخارجية من يده.
وتابع الموقع: “اتجه رئيس الجمهورية، بحسب المصادر، نحو التلويح بحق الفيتو على أي اسم يطرحه الرئيس المكلف في تشكيلته الوزارية من دون رضى التيار الوطني الحر، كاشفةً في هذا الإطار عن إعداد دوائر القصر الرئاسي، بالتنسيق مع باسيل، مجموعة من الأسماء المطلوب دخولها الوزارة على قاعدة وجوب أن يكون رئيس الجمهورية شريكاً في عملية التسميات مع الرئيس المكلف”.
تؤكد مصادر مطلعة على عملية تشكيل الحكومة، أن أديب يراهن بشكل كبير على تدخُّل فرنسي سريع لتسهيل عملية التشكيل.
وهناك توقعات بأن يبادر ماكرون، إلى إجراء اتصالات بالقوى المختلفة، وحثها على تقديم تنازلات لتسهيل تشكيل الحكومة، ومنع عرقلتها وإلا فإن العقوبات ستكون حاضرة في متناول يد ماكرون والمجتمع الدولي المترقب لخلاصات الخارطة الفرنسية.
وتتوقع المصادر أنه مهما اشتدت الخلافات والمناكفات حول الحصص والحقائب، فإن الفرنسيين سيتدخلون لإنجاز سريع لتشكيل الحكومة. فيما يبقى الترقب إلى ما بعد عملية التشكيل، وما يمكن لهذه الحكومة أن تحققه.
والملف الأول الذي ستظهر فيه جدية أديب وبرنامجه هو ملف الكهرباء، الذي أصبح من الواضح أن فرنسا وألمانيا توليانه اهتماماً استثنائياً وستكونان مشرفتين عليه بشكل مباشر.
في المقابل ترى مصادر مقربة من تيار سياسي بارز، أن المبادرة الفرنسية ستتعثر حتى لو تم تشكيل الحكومة، وأنه يمكن تمرير عملية التشكيل، لكن من دون أن تتمكن من تحقيق إنجازات كبيرة. لأن هناك مواقف ضمنية أمريكية وعربية لا يمكنها أن تسهّل عمل المبادرة الفرنسية، التي استثنت العرب إلى حدٍّ بعيد. أما واشنطن فلديها حسابات مختلفة جداً عن الحسابات الفرنسية، استناداً إلى تقرير “عربي بوست”.