كتب خالد أبو شقرا في صحيفة “نداء الوطن” تحت عنوان “الضغط الإقتصادي الفرنسي يسير بين “نقاط” الصراع الصيني ـ الأميركي”: ” تكتسب عملية إعادة إعمار مرفأ بيروت واستثماره بعداً جيوسياسياً. أهميته الإقتصادية تتخطى دوره كبوابة أساسية للاستيراد والتصدير والاضطلاع ببعض عمليات الترانزيت وتتصل بموقعه الاستراتيجي على المتوسط. لم يكبح أحد جماح رغبته في ترميم المرفأ منذ اللحظة الاولى للانفجار. الصينيون، الاتراك، الاماراتيون، الكويتيون والفرنسيون كلهم أبدوا رغبة واستعداداً في المساهمة بعملية البناء والادارة. فهل تتقاطع مصالح الشركات العالمية مع مصلحة لبنان ومن يتأهل إلى التصفيات النهائية؟
بحسب ما يظهر فإن حظوظ الشركة الفرنسية لنقل الحاويات والشحن “سي إم ايه – سي جي أم” CMA CGM تتقدم على ما عداها من منافسين. فالشركة تصنف رابعة على الصعيد العالمي من حيث الحجم والقدرات وهي تستخدم 200 طريق شحن بين 420 منفذاً في 150 دولة مختلفة. وتمتلك اسطولاً من اكثر من 500 ناقلة، من بينها الاكبر في العالم. تتواجد المجموعة في كل قارة من القارات وفي 160 دولة من خلال شبكتها المكونة من 755 مكتباً و 750 مستودعاً، وتوظف المجموعة 110 آلاف شخص حول العالم.
اهتمام قديم
صلة الرحم بين رئيس مجلس ادارة الشركة رودولف سعادة وإبن المؤسس جاك سعادة، مع لبنان ليست السبب الوحيد وإن كانت مهمة على الصعيد المعنوي. إنما وقوف فرنسا الراعية للتسوية والمحفزة على الاصلاح أمام الشركة بقدراتها المادية ونيتها الانقاذية تعطي بحسب المراقبين افضلية للشركة. وهذا ما يظهر باصطحاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لـ سعادة في الزيارتين التي قام بهما إلى لبنان عقب انفجار المرفأ.
إهتمام CMA CGM بلبنان عامة ومرفأ بيروت خاصة ليس بجديد. فالشركة تقدمت في كانون الثاني من العام الحالي الى مناقصة تشغيل محطة الحاويات كخلف للشركة المشغلة الحالية BCTC. إلا ان موعد فض العرض تأجل في آذار بعد أن قررت وزارة الأشغال العامة والنقل إحالة الملف إلى دائرة المناقصات. قبلها أنشأت الشركة في بيروت المركز الإقليمي لـCMA CGM، وCEVA Logistics. وأسست في واجهة بيروت الرقمية Beirut Digital District في وسط بيروت The Hub، التي تعتبر منصة مخصصة للتطوير الرقمي لأنشطة المجموعة. وتشكل المجموعة العملاقة للشحن البحري مع شركة MSC، وهي شركة عالمية أخرى،
ما مجموعه 60 في المئة من حجم البضائع التي تمر عبر العاصمة اللبنانية. وهي تمتلك حوالى 30 في المئة من الشركة المشغلة لمحطة حاويات مرفأ طرابلس. كما اطلقت مبادرة انشاء الميناء الجاف في البقاع، من أجل تسريع عجلة التطوير الزراعي في البلاد، وتسهيل وتسريع عمليات اعادة التصدير الى الدول العربية عموماً وسوريا والعراق خصوصاً. هذا وخصصت الشركة في اليوم الذي تلى الانفجار باخرة لنقل السلع والمواد الطارئة بشكل مجاني إلى لبنان.
وكلاء الشحن العاملون على أرض المرفأ ينظرون باحترام وإعجاب إلى “سي إم ايه – سي جي أم”. وبحسب الوكيل المتخصص جاك عودة فان “الشركة مهمة، وجدية ولديها مؤهلات كبيرة وخبرة عالمية”. لكن المهم برأيه هو “إجراء مناقصة شفافة وعادلة وليفز من يقدم أفضل عرض، خصوصاً في ما يتعلق بإدارة وتشغيل محطة الحاويات”. فالمرفأ من وجهة نظر وكلاء الشحن بحاجة إلى الكثير من الاهتمام والتعديلات.
خصوصاً انه يعتبر من أغلى المرافئ في العالم لجهة رسم المرور ورسم المرفأ. وهو بحاجة إلى السرعة في اعادة ترميم ما تهدم. فالشحن ما زال مقتصراً على الحاويات فقط FULL CONTAINER وهناك نقص كبير في مكاتب الجمارك بعدما تهدم معظمها جراء الانفجار، والمخلّصون يضطرون للاستعانة بمكاتب المطار لاجراء المعاملات.
واذ لا يستغرب عودة الاهتمام الدولي الكبير باستثمار المرفأ نتيجة العوائد الكبيرة التي يؤمنها يرى ان المناقصة يجب ان تحدد عوائد الشركة المستثمرة والباقي يجب ان يذهب الى الخزينة.
أما اذا كانت الشركة مهتمة بإعادة اعمار المرفأ واستثماره فهذا حديث آخر خصوصاً ان هذه العقود تحدث على طريقة BOT ولفترة لا تقل عن 25 عاماً.
مبادلة فرنسية صينية!
الدخول الفرنسي على الملف اللبناني من بوابة المرفأ والقطاعات الحيوية الاساسية ليس صدفة بل هو “الترجمة الحرفية لـinstex أو “آلية دعم التبادل التجاري”، التي أسسها كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في 31 كانون الثاني 2019 لتسهيل التبادل التجاري مع ايران بعملة غير الدولار”، يقول الخبير الاقتصادي فادي جواد. وبرأيه فان هذه “الآلية ستبدأ العمل خلال الاسابيع القادمة وسوف تنتج اضخم الصفقات التجارية ما بين ايران والقارة الاوروبية”.
بالعودة إلى لبنان فان اولى بشائر instex السياسية برأي جواد تتمثل في “الدخول الفرنسي على ايران عبر الملف اللبناني ومن خلال تعزيز الموقع السياسي لـ”حزب الله” لقطف نتائج انفجار بيروت، ما يؤمن عودتها إلى الشرق الأوسط عبر بوابة لبنان الفرنكوفوني. أما اقتصادياً فتظهّرت البشائر من خلال وفد رجال الاعمال الكبير الذي رافق الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والعمل الحثيث على تلزيم الشركات الفرنسية مشاريع اعادة الاعمار،
ومنها طبعاً مرفأ بيروت، الذي يكلف حوالى ٨ مليارات دولار، عبر شركة CMA CGM. هذا التلزيم المعارض للرغبة الصينية سوف يعوض عنه بأعطاء الصين مرفأ طرابلس والمنطقة الاقتصادية ( معرض رشيد كرامي ) لتكون احدى محطات مبادرة الحزام والطريق (طريق الحرير) وتكون انطلاقة وبوابة للصين للاسواق الاوروبية”.
لقراءة المقال كاملاً إضغط هنا.