المصدر: International Scopes – سكوبات عالمية | شادي هيلانة
تسارعت وتيرة الأحداث في لبنان مع انتشار الاشتباكات في شوارع خلدة وصولاً الى العاصمة بيروت وبث صورها على الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن يفرض الجيش اللبناني سيطرته عليها منعا من انتقال التوتر إلى مرحلة لا تُحمد عقباها.
صور لمسلحين ملثمين يوقدون النار هنا وهناك، يشعلون ألأخضر واليابس، إلا أن الأحداث على أرض الواقع كانت تنبئ بكارثة تضاف الى كوارثنا لولا تدخل الجيش اللبناني وفوج المغاوير، واتصالات التهدئة التي قادها امين عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم لتثبيت وقف اطلاق النار، وسحب المسلحين، ونشر وحدات معززة من الجيش في مناطق التوتر والاتفاق على تسليم المطلوبين المتورطين بإطلاق النار وحرق المباني والسيارات، وحتى ساعات المساء وصل عدد الضحايا البشرية إلى قتيلين وسقوط جرحى.
انتقل الصراع السياسي الى الشارع مع دخول أجهزة استخبارية خارجية واختراقات للشارع في محاولة لتوريط الأطراف السياسية بالانجرار الى الفتنة من خلال شعارات مذهبية وسياسية حاولت الإيحاء بدعم الرئيس سعد الحريري، وبالتالي اللعب بورقة الأمن لاستخدامها في مفاوضات شد الحبال في الملف الحكومي، وإعادة إحياء خطوط التماس المذهبية من خلال افتعال إشكالات امنية وقطع الطرقات والاعتداء على المارة داخل السيارات في عدد من المناطق لا سيما في خلدة والناعمة وعرمون وتقاطع قصقص الطريق الجديدة والمدينة الرياضية وفي البقاع وعكار، ما اثار التخوف من احتمالات حدوث احتكاكات بين أنصار المستقبل وأنصار تيارات أخرى كحركة أمل وحزب الله، ما يحوّل إلى صدام فتنوي سني شيعي.
وكان الحريري وقيادة تيار المستقبل قد تدخلا مباشرة لإعادة ضبط الشارع، وتهدئة اندفاع جمهور التيار الأزرق، وفيما اعتبر مراقبون ان التيار ربما بستخدام الشارع للتأثير على النخبة السياسية، لاسيما في مسألة تكليف شخصية سنية لتأليف الحكومة المقبلة.
إن فوضى الشارع قد تكون مفيدة لحزب الله وتيار الرئيس عون لإجبار كل التيارات السياسية إلى القبول بالصيغة الحكومية التي يفضلانها، وأن الصدام الطائفي والمذهبي قد يعيد تعويم خطاب نصرالله وعون وباسيل، بعد الضغوط الخارجية لتأليف حكومة إئتلاف وطني، وقبيل مجيء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لبنان في اول ايلول ،ما يرسم علامات استفهام حول فرص نجاح مهمته، بينما هناك تسريبات معاكسة تقول إن ماكرون لم يعدل في مبادرته إلا شكلياً، وإنه نجح بتذليل العقدة الأميركية أمام مهمته، ان استطاع الحصول على مقايضة ترضي الثنائي الشيعي شرط الذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة.
بعدما ازداد المشهد الحكومي تعقيداً مع تعذر الاتفاق حتى الساعة على مرشح لتأليف الحكومة، يبدوان لبنان في مواجهة تحديات أمنيّة متصاعدة مع أحداث دامية غامضة، بدأت بعملية استهداف لأمن منطقة الكورة، في بلدة كفتون، وقدّ ظهر أن عملية الاستهداف على صلة بتنظيمات إرهابية، كما أن وراء هذا الاعتداء الإرهابي مخطط أبعد من حدود المنطقة، إضافة الى ما نشهده اليوم من انفجار مرفأ بيروت، الى افتعال الازمات السياسية والاقتصادية ، وصولاً الى الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة في الجنوب ، يبقى السؤال سنشهد المزيد خلال الأشهر القليلة المقبلة ؟
المطلوب الآن المسارعة بينما بقي من حكماء، لسحب فتيل الفتنة التي أطلت برأسها البشع . فخلف صوت الفتنة الذي ظهر بالأمس مشروعٌ أخطر يتم الاعداد له منذ فترة غير قصيرة وظهرت بعض بوادره في خلال الساعات الماضية،ولا بد من انزال اشد انواع العقاب بمن أشعل الفتيل.
إضافة الى مسارعة من بقي من أصحاب ضمير الى مناشدة مناصريهم للبقاء الى منازلهم وعدم اشعال حرب مذهبية.
ومسارعة الجيش والقوى الأمنية للضرب بيد من حديد، لكل من يسيء الى الوطن وأهله أو يقطع طريقا أو يساهم في عمليات العنف.
عقد اجتماع طاريء وعاجل للقوى السياسية وحكومة تصريف الأعمال، لاتفاق سريع على انقاذ الوضع الأمني وتشكيل حكومة وتخفيف غضب الشارع.
من الواضح أن ما يحصل في الساحات اللبنانية له أهداف تتعلق بصراع المحورين، ما يعني أن عدم المسارعة الى لملمة الوضع الداخلي، يضع لبناننا الغالي امام خطر الغرق كما غرق به العراق وليبيا وسوريا وغيرها ، ويمهد لضغوط خارجية تدفع باتجاه التدويل.