لا داعي للهلع… «المركـزي» سيواصل دعم الدولار!

إستحوذت مسألة تَوقّف مصرف لبنان قريباً عن دعم الدولار، على أكبر قدر من المتابعة والقلق والاهتمام. وتمحورت النقاشات في غالبيتها على تصوير المشهد الاسود بعد رفع الدعم، وتوقيت هذه الخطوة.

نشطت التحاليل والاجتهادات والاستنتاجات في محاولة للتكهّن بالرقم الحقيقي للاحتياطي المتوفّر في البنك المركزي لكي يصبح التكهُّن بموعد وقف الدعم مُتاحاً. وبما أنّ قرار المجلس المركزي في مصرف لبنان ثابت وواضح لجهة إبلاغ الحكومة قبل أن تستقيل انه سيوقف كل انواع الدعم للدولار عندما تنفد الأموال لديه، ولا يتبقّى في صناديقه سوى الاحتياطي الالزامي الذي تودعه المصارف التجارية لديه، كضمانة للودائع، فهذا يعني انّ الدعم سيتوقف عندما يصل المبلغ الى 17,5 مليار دولار. وهنا، تتضارب الاجتهادات في تقدير المبلغ المتبقي قبل الوصول الى هذا الرقم. البعض يتحدث عن 3 أسابيع، والبعض الآخر يمدّد الفترة الى 3 أشهر.

هذه المخاوف مبرّرة فيما لو صدّقنا انّ مصرف لبنان سينفّذ قراره. لكنّ الواقعية تحتّم أن نستنتج انّ الدعم سيستمر، رغماً عن إرادة المركزي. ومن هنا، يمكن أن نستعير عبارة وزير الصحة الشهيرة، لا داعي للهلع، ولا خوف من إلغاء الدعم لا بعد شهر ولا شهرين ولا ثلاثة…

ما فعله حاكم مصرف لبنان رياض سلامة واضح لجهة التسلّح بقرار المجلس المركزي الذي اتخذ قرار إلغاء الدعم. وبالتالي، ما عانى منه سلامة في السنوات الماضية لجهة تحميله لوحده مسؤولية قرارات كانت تُفرض عليه، مثل إقراض الحكومة لتغطية عجز الموازنة، أصبح اليوم متحرراً منه. القرار المتعلق بوقف الدعم لم يتخذه شخصياً، بل اتخذه المجلس المركزي الذي اكتمل عقده قبل استقالة الحكومة بفترة وجيزة، وهو مكوّن من أشخاص محسوبين سياسياً، أو على الأقل اختارتهم للموقع، قوى سياسية تحكم البلد حالياً. وبالتالي، تنفيذ القرار أو التراجع عنه، مسؤولة عنه هذه القوى، التي «تمون» مبدئياً على أعضاء المجلس المركزي. من هنا، سيكون البلد في مواجهة احتمالين:

أولاً – أن يبلغ الاحتياطي في المركزي الخط الاحمر الذي حدّده مجلسه في حقبة حكومة تصريف الاعمال الحالية.

ثانياً – أن يحين الوقت في ظل حكومة جديدة على وشك الاقلاع، وربما التأليف، بمعنى أن يكون قد تمّ تكليف رئيس حكومة جديد، ونكون في فترة التأليف.

في الحالة الاولى، هل يستطيع عاقل ممّن اختبر طريقة تفكير المنظومة السياسية، أن يعتقد بأنّ هذه المنظومة، وفي ظل عدم وجود حكومة (حكومة تصريف أعمال)، ستسمح بوقف دعم الدولار، وتحويل الناس الى الفقر المدقع، والمجازفة بالأمن الاجتماعي؟

وفي الحالة الثانية، هل من عاقل يمكن أن يتوقّع أن تبدأ أي حكومة جديدة مُعوّل عليها للانقاذ، ولايتها برفع الدعم والسماح بارتفاع اسعار كل السلع دفعة واحدة وفي فترة قصيرة بنحو 400 %؟ هذا من دون احتساب مخاطر الانعكاسات على سعر الدولار، بسبب ارتفاع الطلب عليه للاستيراد.

هذه الفرضيات، مع احتساب السلوك السابق للمنظومة السياسية، تقود الى الاستنتاج بأنّ المجلس المركزي سيتعرّض للضغوطات السياسية المناسبة لحمله على التراجع عن قراره، ومواصلة الدعم. وسيتم ذلك وسط تهليل شعبي مُبرّر، لأنّ المواطن شبه جائع، ويصعب إقناعه بخطورة الاستمرار في استنفاد الاحتياطي المتبقّي من الودائع في مصرف لبنان. هذه المرة سيكون سلامة مرتاحاً أكثر لأنّ المسؤولية لن تكون على عاتقه لوحده، بل على عاتق المنظومة السياسية التي ستضطر الى الكشف عن قرارها بفرض استمرار الدعم.

لكن المشكلة لا تكمن في تحميل هذا أو ذاك مسؤولية ما سيجري لاحقاً. اذا استمر الدعم، من دون تغيير المشهد السياسي والاقتصادي والمالي، فهذا يعني الوصول الى فاجعة يصعب تصوّر نتائجها. واقعياً، ومهما كان وقف الدعم قاسياً وكارثياً على الناس، فإنه سيكون مجرد نزهة اذا ما قيس بحجم الكارثة التي ستحلّ بالبلد والناس في حال استمر الدعم لاستنفاد كل الاحتياطي، من دون خطة إنقاذ.

ما قام به مصرف لبنان في السابق، ومن ضمنه الهندسات المالية، كان عملية شراء للوقت، على أمل أن تستفيق المنظومة السياسية وتبدأ التغيير المطلوب. غداً، ستقرر المنظومة السياسية نفسها شراء المزيد من الوقت، لكنها قد تكون المرة الأخيرة المُتاحة، وسينفد الوقت أيضاً، وستكون النتيجة لاحقاً أسوأ وأفظع من كل التصورات السوداوية.

حالياً، يحاول بعض الوزراء في الحكومة المستقيلة تمهيد الطريق أمام الحكومة المقبلة لتسهيل مهمتها. وفي المعلومات انّ وزير المالية غازي وزني قد يوقّع في الايام القليلة المقبلة مع شركة Alvarez&Marsal اتفاقية التحقيق الجنائي (Forensic audit) في مصرف لبنان، كما يحرص وزني على الحفاظ على التواصل الدائم مع صندوق النقد، لكنّ هذا التواصل في ظل حكومة تصريف اعمال لا يمكن أن يودي الى أي تقدّم، ويبقى على طريقة keep in touch ليس إلّا، بانتظار حكومة جديدة قد لا ترى النور في المدى المنظور. وفي هذه الحالة، ما نفعُ التحقيقات الجنائية وغير الجنائية، وماذا ستفعل بها منظومة اعتادت على أسلوب «بلّها وشراب ميّاتها»؟.

المصدر:  أنطوان فرح – الجمهورية


عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

أسعار المحروقات اليوم ↑↓

أسعار المحروقات في لبنان اليوم أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للمحروقات لحظة بلحظة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *