يوم يفصلنا عن الحكم النهائي في قضية استشهاد الرئيس رفيق الحريري. وإذا كانت لائحة الإتهام التي ستصدر شبه متوقعة عند قسم كبير من اللبنانيين، فإن قلقهم المعطوف على واقع كارثي، ينطلق من خوفهم على ما تبقى لهم من أمل بالإستقرار بعد كارثة إنفجار مرفأ بيروت.
فالبلد لا يحتمل خضات أمنية أخرى، خاصة لجهة توقيت النطق بالحكم وإعلان أسماء المتهمين المعروفة مسبقاً، والتي تؤشر جميعها إلى تورط عناصر في “حزب الله” في عملية التخطيط واغتيال الحريري. ما يستتبع توتراً أمنياً وانقساماً سياسياً يعيد تكريس أجواء العام 2005. فكيف سيكون شكل الأيام القادمة؟
“المستقبل”: الحكم يؤكد المؤكد
ترى مصادر مقربة من “تيار المستقبل”، أن النطق بالحكم النهائي لن يكون مفاجئاً لمناصري “المستقبل”. بل سيؤكد ما سبق للتيار الأزرق أن نطق به طوال سنوات حول المسؤولين عن جريمة 14 شباط 2005. ويفترض أن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري قد توجه الى لاهاي أمس الأحد على رأس وفد يضم مروان حمادة، للمشاركة في جلسة النطق بالحكم.
العونيون: لن نسمح لأحد باستغلال الحكم
لـ”التيار الوطني الحرّ” رأي آخر. واذا كان كما “المستقبل” يعرف الوجهة العامة التي تنتهجها المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والجهة التي ستكون موضع الإتهام، فإنه يرى أن “الحكم معروف من سياق الأحداث التي رافقت المحكمة منذ نشوئها”، ولذلك فإن التيار غير مضطر إلى “اتخاذ أي موقف جديد”. فالموقف بحسب مصدر مطلع على ما يتم تداوله داخل التيار منذ شهر تقريباً، لن يتغير، لأن السياق العام لعمل المحكمة بقي على ما هو عليه.
ولذلك فإنه “يعول على العقلاء من جهة وعلى الأجهزة المعنية من جهة أخرى، لمنع استغلال الحكم أيا يكن، حتى لا نشهد توتراً أو فتنة جديدة”، وفق المصدر الذي أضاف أن التيار البرتقالي معني في هذه اللحظة بعدم السماح لأي طرف داخلي وخارجي باستغلال حكم المحكمة “لفرملة الإندفاعة الدولية تجاه دعم لبنان”.
ويفترض بعد النطق بالحكم أن يستنفر التيار كل منابره الإعلامية للتأكيد على ثوابت الحوار الدائم بين اللبنانيين وعدم السماح للخارج بزرع الشقاق في ما بينهم.
“حزب الله”.. غير معني؟
في الوقت الذي بدأت فيه بعض العائلات الللبنانية بمغادرة بيوتها في بيروت، واستئجار بيوت مؤقتاً في الجبل تحسباً من توترات أمنية متنقلة بعد صدور الحكم. يبدو وكأن “حزب الله” غير معني بما سيجري غداً.
أحد المصادر المقربة من مجالس “حزب الله”، يفيد بأن قيادة الحزب وجمهوره أيضاً على علم بأن الإتهام سيكون موجهاً إليه. وأن الحديث عن عناصر خارجة عن إرادة الحزب هي المسؤولة عن الجريمة، هو تمويه لتلافي الصدام المباشر لكن سيكون له حساباته السياسية.
ورغم أن سعد الحريري سيسير في هذه الإتجاه، أي التشديد على الإستقرار، فإن الحكم يأتي في سياق دولي وإقليمي وداخلي دقيق وحرج، وهذا سيكون مدخلاً لشد عصب الشارع السني واستمالته في النزاع السياسي المتصاعد في البلاد.
وتقول المصادر إن هذه اللعبة خطرة ولا يمكن أن تكون مضمونة النتائج، خاصة إذا عُمل من قبل أطراف أخرى غير “المستقبل” للتصويب على “حزب الله”، وبالتالي استنفار جمهوره.