المصدر: International Scopes – سكوبات عالمية | عامر سنجقدار | 8- 8- 2020
ضمن مساحة المتاهة الكبيرة التي يعيشها الوطن اللبناني والمواطن، بين جدران الاقتصاد المنهار من سرقات ونهب موصوف لسنوات خلت أنهكت بنيان الاقتصاد الهش في رأب صدعه يوما بعد يوم، فلا القيّم عليه أدركه أو وضع اصبعه على الجرح علّه يوقف نزف ما، ولا الشارع المعارض عرف الطريق لاحداث هزة ايجابية ولو واحدة تعيد بعض من أمل يتراىء من بعيد غير ملموس. حتى أتى الزلزال المدوي ليقضي على أي فرصة حتى ان كانت غبية من سياسات اقتصادية او لفلفات سياسية.
نعم أتت كارثة المرفأ بكامل تفاصيلها ومدلولاتها لتكون الغبار الأخير الذي سينقشع عن أسوأ حقبة وصل اليها وطن عانى مرحلة من الاستغباء السياسي والهيمنة والتسلط على مقدرات البلاد لسنوات خلت وعهود واكبت ووافقت وشاركت، ولتدخل التاريخ من بابها العريض لمعاول هدم بأيد أبناء لهم صفة العقوق والجحود لترابهم وجبلهم وسهلهم وبحرهم، لتلك البيوت الصماء الوادعة، بغير ذنب لأنفس بذلت النفيس ورحلت على حلم ما أتى الا كابوسا ليرسم صورة سوداء كالحة بلا أمل.
وهنا عودٌ على بدء، حدث ونتائجه الكارثية الطبيعة لوضع لا طبيعي، صحيا أو اقتصاديا أو حتى سياسيا، تستدعي الأمم نفسها والغيورة على الشأن اللبناني أكثر من أبناء جلدتها وبزيارة خاطفة لرئيس أوروبي، تجتاحه العاطفة الانسانية بشكل كبير وواضح ونزوله الشارع ليتفقد رعيته برعايته السامية، يوم تخلى من أولى منه بذلك عن شارعهم بحكمتهم وخانتهم انسانيتهم وحميتهم، حتى أن الضيف تعامل مع الأمر كصاحب الدار المعني مباشرة، واستدعى على عجل كل الأطراف والأطياف على طاولته المستديرة، وهم الخصام الوطني لوطن أفضل على هواهم، لكن واجب الضيافة دائما يتقدم عمن سواه، فأنصتوا وسمعوا، أعجبوا ومضوا يرجون السلامة للخطوات القادمة، فالتمني أو بالأحرى الطلب الدولي ان يتفقوا قبل الأول من أيلول سبتمر القادم، يعني مهلة شهر قبل التدخل المباشر المجهول المعلوم، فالإبن الضال يجب أن يعود الى حضنه الطبيعي فهو ما زال يافعا في هذه المتاهة الكبيرة.
الجميع على الأرض اللبنانية، همهم الانساني يسبقهم وألوان راياتهم خفاقة ضاقت بهم المساحة الصغيرة لحدود وطن بألوانه وحدوده، ووفرة محبته وموارده الطبيعية المعروفة للجميع وموارد خفية عند البعض الأخر أو مؤجل.
علامات استفهامات كثيرة تتجلى أمام هذا الموقف الجلل، ما قبل زلزال المرفأ ليست البتة كما بعده، فالتدخلات الخارجية باتت واضحة وجلية واللعب من فوق الطاولة، لكن ماذا تخبىء الأيام أو ماذا ستظهر لنا من مفاجأت مسبقة الدفع، أم استكمال لتغير المشهد الدولي للخارطة الاقتصادية والسياسية معا، لكن معمدة بالدم السفاح كالعادة، انها أيام معدودات لتغييرات جذرية داخلية وخارجية، لكنه نفس الكتاب والصور بألوان وتعابير مختلفة، وبنفس القلم لكن بخطوط وتعرجات جديدة….